في يدك الطير وفي يديَ القيد
قلت فيما سبق من أحاديث الطّيف: لنقيّده حتى لايغتالونه، ثمَّ من بعد ذلك نعلّمه كيف يحلّق في منطقة آمنة، وكيف يعود لعشه مترعًا بحكايات الغربة والصمود والإباء وكيف يهدي صغاره فنجانًا من القصّ!
وأنا أبديت تخوفي وقلت: أخشى أن ينسى الطيران وينسى موطنه ويتجاهل انتظار الفضاء ولهفته إليه.
وأنت بددت هذه المخاوف وقلت: سأحتضنه يوم فزعه وسأجعل من قلبي سماءًا يرفرف بها حتى يتطهر موطنه من الغربان وتهور الرصاص ورقصته المجنونة.
وأنا صمت دون اقتناع
وأنت تحديت صمتي بأنك قادر على أن تهبه الحياة البديلة وطلبت مني أن أمسك القيد وتمسك أنت أجنحته.
رغم أني أمقت القيود بقدر ماتمقت أنت وقوفي بالجهة المضادة لرأيك
لكني رضخت..
وكعادة جميع الذين يستسلمون صَمَتُ وداخلي يضج بأسئلة كبيرة من قبيل: سيحتمل؟ سيصبر؟ سيعيش؟
وداخلك يغمره الخوف عليه مستبعدا أي خيار آخر وإن كانت نتائجه محمودة!
قلت لي مصمما: إمسكي القيد وإليك به وهلّمي لنحميه هلّمي.
قلت: لكنه يطير بجناحيه ويصفق بهما للآخرين. ما أنت فاعل بهما؟ تقصّهما؟
أجبتني: سأحيلهما لقصة أو رواية.
والجمهور؟
- جميع الذين بكوا في الخفاء شوقًا للسعادة.
وأنت؟
أنا الجاني والضحية، أنا من اختار أن يصطاد الحلم الهارب وأن يدخره حتى يأذن الله بأمره أو يموت دونه.
وماذا عني؟
- أنتِ كلميهم عن الأجنحة وعن السَّماء وعن دمعة الغريب الموؤدة وعن انتظار الصباح بقلب يرتجف!
ثمَّ؟
-كوني بخيــر!