لا تمت
نعم يا باروير سيفاك " هناك صلة كبيرة بين صمم بيتهوفن وهذه الانفجارات التي تزداد ضراوة في العالم الآن " هناك صلة كبيرة بين رحيل أنسي الحاج وجوزف حرب ووديع الصافي وبقاء الأوغاد الذين أغرقوا الأرض بالدماء.
لا ذنب لك حينما جئت إلى هذه العالم الوحشي وأنت تصرخ, لكن .. لماذا يصرون على أن تغادره بصرخة أكبر, جئت محاطا بالدم, لماذا تغادر بكل هذه الجروح وبدم أكثر .. كل شيءٍ يبدو الآن أكثر طمأنينة منك, أنت الأكثر جرأة على فتح نافذة وطرح سؤال وصنع وتر, الأقل جرأة على قطف وردة وتصديق يقين وكره بشر .. أنت الوحيد الذي يؤمن أن " الطمأنينة دناءة روحية " فلا تستكين لهم, عول على قلقك .. لا تمت لتصبح اسمًا يجدون به وظيفة لشريط الأخبار .. قاتل, تسلل كالهواء, هاجر إن تطلب الأمر, المدينة التي لا وود بها لا تحترم عينيك, المدينة التي لا ترى فيها ألوان مفاتيح البيانو إلا على الرصيف فقط, لا تحترم سمعك, فتش عن الجمال كمن يغني للريح كي تعانق الأشرعة, فتش جيدًا .. في الشارع أنت لست سيارة فلا تنسى الورود خصها بالتحية .. في العمل أنت لست آلة فلا تدع مزحة تمضي دون أن تودعها بالضحك .. في المترو أنت لست فأرًا فلا تمارس دوره في التنقل تحت الأرض وحاول الخروج من الأسفل كوردة .. لا تمت كل شيء في هذا العالم ينتظرك .. لا تمت ما زال أمامك أن تنقذ موجة, وتدرب الأغصان على هزم الخريف, وتنصت للريح ليلا وتسامر ما تيسر من أغصان الشجر .. لا وقت لديك .. لا وقت لكي تخاصم الغيم على قطرة, الظل يشفع حين يغيب المطر .. لا وقت لكي تقضي حياتك في السير بشكل مستقيم, تمايل قليلا على ألحان تشايكوفسكي, السلم الموسيقي وحده من يوصلك إلى القمر .. لا وقت لكي تسمح لأشجار الوهم بالنمو, درب معول الشك الصغير على جز أعشاب الحقيقة ..
لا تمت .. هذا العالم يحتاجك كأعمى يريد أن يعبر الطريق .. ما الذي تنتظره وقد سرقوا الكراسي, بينما أنت واقف لتحية العلم .. سرقوا الأحلام بينما أنت تحرس وطنك في الليل .. سرقوا الفراشات بينما أنت تطفئ المصباح لئلا تحترق .. سرقوا الطوفان بينما أنت تبني سفينتك .. هم ليسوا قومك وأنت لست نوح .. ابتكر طريقة أخرى, وتذكر .. أنك تريد ربط حذاء طفل لا حبل مشنقة .. تريد زرع الورود في الأرض لا الرصاص في أجساد الآخرين .. تريد التواصل بالغناء لا الشتائم والصراخ .. تريد حياكة كنزة لطفلتك لا أن تخيط جراحك المؤلمة .. تريد عدسة تلتقط فيها الصور لمن تحب محاولا إيقاف الزمن لا منظار بندقية يراقب الأطفال وهم يعبرون الطريق .