اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د.باسم القاسم
الأستاذ قايد الحربي ....أوقاتك سعيدة
لابد من التنويه إلى أمور كثيرة وردت في موضوعتك القيمة ..فأنا ألاحظ أنك تشكل مشرباً فكرياً مهماً لعدد كبير من أعضاء منتديات أبعاد وأنت أهلٌ لذلك..
وعليه كان لابد من التنويه إلى النقاط التالية :
*(( قصيدة التفعيلة أو القصيدة الحرة نموذجٌ متطوّر ومنبثقٌ عن القصيدة الأم / العمودية )) هنا وفي أكثر من موقع في موضوعنا هناك إعتبار أن القصيدة التفعيلة والقصيدة الحرة شيء واحد ...؟ وهذا حتماً غير دقيق ...التفعيلة شيء والقصيدة الحرة شيء آخر
قصيدة التفعيلة ((من ناحية شكل العرض اللغوي )) مايفرقها عن النص العمودي / الأم هو
1ـ تعدد وحدات التفعيلة 2ـ ليس مطلوباً الإنضباط في قافية واحدة .هذا بإختصار
أما القصيدة الحرة فهي نص لايجب وجود تفعيلة فيه أصلاً بمعنى في حال وجود تتالي لتفعيلتين أو أكثر في السطر يخرج النص من النص الحر إلى نص التفعيلة ..النص الحر يتجنب الموسيقى الخارجية المضبوطة ..إعتماده الكلي على الموسيقى الداخلي وبعض المدارس النقدية تسمي القصيدة الحرة بالشعر المنثور..وعليه سنعتبر كل ماورد في موضوعنا يقصد به التفعيلة
فالنص الحر /الشعر المنثور له قيود وملاحظات بحاجة إلى بحث آخروالنص الحر بشكل دقيق هو نص نتج عن التأثر بالنموذج الشعري الغربي إن جاز التعبير ..وليس منبثقاً عن القصيدة الأم / العمودية. .هو أحدث وأقصى أشكال العرض الشعري اللغوي من أشهر أعلامه العرب الشاعر " أنسي الحاج وديوانه ـ الرسولة بجدائلها حتى الينابيع ـ"
وحالياً هو مجال للمناقشة والتمحيص ..
* ( النصّ الغنائي وعملية الخلط )
أستاذ قايد كل نص شعري (( عمودي ـ تفعيلة )) هو نص غنائي حتماً(( قابل أن يكون أغنية ومايحدد قابليته هو درجة
ظهور موسيقاه الخارجية ( القافية / الوزن / الجرس) وحين نتحدث عن الألفاظ السهلة والمتعلقة بالمفهوم الدارج هنا نحن بصدد الذائقة لدى المتلقي مثلاً
أحمد شوقي كتب (( زحلة )) ياجارة الوادي وكانت بألفاظ فخمة ومفخمة وفيها من الإستعارات البلاغية الكثيرة هذا النص كانت إمكانية تحويله إلى أغنية تتعلق بقدرة الملحن على تطويع المفردة وكان عبد الوهاب جديراً بذلك فإن سأل سائل أن ذلك العصر كان فيه تذوق لهذا النمط من اللغة نقول : في تلك الفترة وعندما ظهرت الأغنية كان النمط الغنائي الشعبي في أوجه ..
حسن المرواني العراقي ..عندما كتب( أنا وليلى ) لم يكن يراعي اللفظ الدارج ولا الشارع كان يراعي الشعر وبيئة التلقي في تلك الفترة فقط ...فأبدع الساهر منها نموذجاً غنائياً ونحن في القرن العشرين ...
محمود درويش /بين ريتا وعيوني بندقية ..والذي يعرف ريتا ينحني ويصلي لإله في العيون العسلية/ هكذا غناها مارسيل خليفة ..فأين كان محمود درويش من((الشرط اللامنتمي إلى النص الكتابي /التفعيلي...؟))
الأغنية مستقرها ومستودعها في قلوب أهل الذائقة والحساسية المرهفة في الشارع كانوا أم في القصور ..
نعم هناك نصوص كثيرة قريبة من لغة الشارع وتراعيها ولكن ليس هذا شرطاً واجباً في كونها تصلح أغنية بقدر ماهو ظهور وألق الموسيقى الخارجية وبقدر ماكان الإقتراب من لغة الشارع لصيقاً زاد ذلك في سقوط الأغنية في هاوية ((الشعبنة/ التخصص السيسيولوجي" المجتمعي" )) والنموذج المصري الغنائي الحالي أكبر دليل
نعم هناك مراعاة ولكن بنسبة محدودة للغة الشارع ...
الأغنية مطلوب منها رفع الذائقة اللغوية لدى المستمع وليس موافقته على مستوى ذائقته...
(( قايد أسهبت في هذا الموضوع وذلك كون لي تجربة طويلة مع الشعر الغنائي
أكثر من 15 أغنية ..للأطفال والكبار ..ضمن أوبريتات مسرحية غنائية راقصة تم تسجيلها وأدائها وآخرها كان مع الموسيقار اللبناني شربل روحانا ))
*( الفكرة التقليدية والنص الحداثي ):
هنا لمست الجرح في التنويه لناحية مهمة تتعلق بالتصنيف ولكنني أعقب فأقول :
في التصنيف هناك ناحيتين
الأولى : تصنيف نمط العرض اللغوي :
الثانية: تصنيف الطرح والأفكار:
في الأولى نقول عن النص العمودي بأنه نمط كلاسيكي في العرض/ الشكل مهما كان المضمون
وألفت الإنتباه بأن أخطر النصوص هي النصوص ذات العرض الكلاسيكي بمضامين وطروحات حداثية وقلة من الشعراء من يمتلك القدرة على كتابة مثل هذه النصوص ..هذا مافعله بنا جبران في المواكب
الثانية أياً كان العرض اللغوي مغرقاً بالتقليدية وكان الطرح والمضمون حداثياً نقول أن النص حداثي بالجوهر والمضمون ولكن لانستطيع القول عنه بأنه نصاً حداثياً بالمطلق .. نحن ضمن ثنائية ( الدال/ المدلول) لكل طرف في هذه الثنائية صفة ولكن لايطغى بعضها على الآخر
* ( اللفظ) : هنا منطقة حساسة نجحت في الولوج إليها..أشد على يديك.. وأزيد معقباً فأقول
بشكل دقيق تأثير كون النص عمودي أو تفعيلة أو حر لايكون على الألفاظ تأثيره يكون على
العلاقات الرابطة بين الألفاظ " الوحدة اللغوية " والتراكيب أما الألفاظ فلك الحرية المطلقة
في اختيارها مهما كان النص عمودي/ تفعيلة /..
في قصائد عمودية مشهورة ..أخذت اللفظة فضاءات دلالية واسعة نعم اللفظة لوحدها كانت تركيباً
لغوياً فذاً يقول إمام العاشقين عمر بن الفارض في يائيته الشهيرة :
كهلال الشك لولا أنـــّه أنّ عيني عينه لم تتأ ي
خافياً عن عائدٍ لاح كما لاح في برديه بعد النشر طي
صار وصف الضر ذاتيا له عن عناءٍ والكلام الحيُّ لــَـي كل لفظة بذاتها لها فضاءات واسعة ....
أيضاً :
أبو القاسم الشابي كانت له روائع عمودية ..أنظر إلى الألفاظ سهلة وبسيطة وقريبة من المعاصرة
ليس كي يكون نصك عمودياً عليك أن تكون قحطاني أو عدناني الألفاظ قد يتم استخدام الكثير من الألفاظ المحدثة والمعربة ولايخرج ذلك النص من دائرة الكلاسيكية في العرض
* ( الموسيقا) : آآآآآآآآآآه هذا موضوع شيق وطويل وحساس ربما إذا رغب أعضاء المنتدى سأعد دراسة وافية عنه في أبعاد النقد
الأستاذ قايد لابد أنك تبذل جهداً وطاقة في رفع الحجب الكثيفة بين الأقلام المبدعة وحقائق الشعر
وأنت الجدير بحمل مثل هكذا مهمة ...ولكن قايد بربك هل لازال هناك من يرفع سيفه بوجه نموذج التفعيلة .........؟ والله لقد نسي الناس وتجاوزوا هذا الأمر أمام ألق وإبداع نص التفعيلة
أخاطبك بما خاطب به رب العزة رسوله فقال (( فلعلك باخعٌ نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث اسفاً ))...
تحياتي لك صديقي العزيز..
|
د . باسم القاسم
ـــــــــــــ
* * *
و ردُّك السُقيا
أهلاً بـ مطرك : الحياة .
:
أُدركُ تماماً بأنّ القصيدة [ الحرّة ] تختلفُ جذريّاً عن قصيدة [ التفعيلة ]
وما مجيئي بالأولى هنا إلاّ مساورةً بحضور ضوءٍ مثلك ينبّه إلى ذلك ل
أنّ كثيراً من الناس يخلط بينهما خلطاً يظلمهما ظلماً كبيرا ، وقد وصل
هذا الخلط إلى الصحف والمجلات [ الشعبيّة ] التي أفرزت قرّاءً لا يميزون
بين هذه وتلك .
وفي شرحك ما يُغني عن الاستفاضة في ذلك .
:
فيما يخصُّ النصّ الغنائي فقد ذكرتُ ذلك بإسهابٍ في ردّي
على الناقدة حنان محمد ولا أرى ضرراً في الزيادة هنا :
لا أنكرُ أنّ وجود [ التفعيلة ] في النص هي أول خطوةٍ لغنائه - من قبل الشاعر -
لكنّها خطوةٌ صعبة بالنسبة للمغنّي .. إذْ ليس شرطاً في نجاح الأغنية أنْ تكون
بلغةٍ معقّدة لنصفق لها .. أي لا يمكنني غناء معلّقة " امرؤ القيس " مثلاً والتأكد
من نجاحها - مع إمكانية غنائها - من باب [ التفعيلة ] ...
أذكرُ قولاً للشاعر فهد عافت حينما سُئل عن سبب ابتعاد المغنين من غناء قصائده
وقال فيما معناه بأنّه لم يكتب شعره للأغنية - وزاد - أنّه من " الغباء " أن يُغني
أحدهم قصيدة [ مَدَدْ ] مثلاً مع أنّ - أي فهد - حصل على جائزة أفضل نصّ غنائي
عربيّ عن أغنية [ فتنة الحفل ] التي لم يُغنَ منها سوى ثمانية أبياتٍ - كما أظن -
وهي التي تجاوزتْ ثلاثين بيتاً .. تماماً كمقصيدة [ أنا وليلى ] الحائزة على المرتبة
السابعة - إنْ لم أخطئ - على العالم .
روائع الشاعر [ محمد حمزه ] والتي تغنّى بها عبدالحليم حافظ وبكينا معها
ورقصنا لها ...
هل خلّدها الشعر أم خلدتها الأغنية ؟
وقس على ذلك كل الأغاني الخالدة .
:
فيما يتعلقُ بالنصّ العمودي والتفعيليّ وإصدار الحكم المسبق عليهما هو إجحافٌ
لهما قبل الولوج إليهما ولذلك السبب فرّقتُ بين النصّ التفعيلي الغنائي والنص
التفعيلي الذي لا يتّجه إليه ، وأنّه ليس من الضرورة أنْ يكون كل نصٍ تفعيلي [ حداثي ]
وكل نصٍ عموديّ [ تقليدي ] - رغم عدم إيماني بهذه التصنيفات شعرياً ، بل شكليّاً فقط - .
:
وعدتنا بهذه الدراسة
ويحقُّ لنا الوقوف انتظاراً لها .
:
" ولكن قايد بربك هل لازال هناك من يرفع سيفه بوجه نموذج التفعيلة .........؟ "
سؤالٌ مُقلقٌ حدَّ الخوف ...
لو رفعوا [ شعرهم ] بوجه التفعيلة لأصبح لدينا شعراً عظيماً بدلاً من الانشغال
بصناعة سيوفٍ يقطعون بها أعناق هذه القصائد .
:
أُغبطُ على حضورك
وأنعمُ بهِ زمناً مديدا ... فلا تحرمني : نعمتك .