بشت أبو ركان
ابوراكــان الله يرحمه ويغفر له كان يعيش في وحدتن من القرايا حول الرياض قبل خمسين سنه .. كان اوّل عمره حرفي يخلط الطين بالما والتبن ويناول .. ثمّن صار ( ستاد بناي ) يبني بيوت الطين وخبير بصفّ اللبن والمشاش ( التلييس ) وتكسيراللبن الين يصير جمش وكل اهل القريه يعرفونه .
هذيك الايام كانوا الناس يتشاوفون للعزايم .. الحال بسيطه ويفرحون الى منّه حط واحدن منهم تميمه لمولوده او جاه ضيف من خارج القريه وسوّا له عزيمه وراعية البيت تقسّم تالي الاكل على الجيران .
من عوايدهم ان الشياب المعزومين لازم يلبسون بشوت ( عبايات ) حتى لو انه قديم .. نوع من الوجاهه والوقار وعاده مشوا عليها الناس وماأحد استنكرها او حاول يغيرها
نزل عند ابو محمد راعي النخل ضيف هادفن عليه من ديرتن بعيده .. وذبح له ابو محمد ذبيحه وعزم ربع المسيد كلهم عقب صلاة الاخير ( العشا ) ..
صلّوا الربع وتجمّعوا عند باب المسجد عشان يمشون جماعه .. وماقطعهم الا ابوراكان عقب ماصلى راح يجيب بشته من البيت لكنه يوم لبسه وقعد يدور به في الحجرة على نور السراج ويسأل مرته وش رايك يانوير.. هو زين .. يواجه ؟
قالت ام راكان وهي تمطّ براطمها : زريه منقوض واسفله منشقّ ..
ـــ عاد وش اسوّى ماهنا غيره .. ايه الناس ليل ومحد منتبه والى منّه جا العيد انشالله دخلت الرياض وشريت لي واحدن ثاني .. يالله ودعناك الله ...... الربع يحترونّي .
الحقيقه ان ابو راكان يجيه مداخيلن حليوه من مهنته لكن وش يسوّى ماجت به غدت به ... عنده اثنعشر بزر وامّه المحروله وأخته المشفوحه ( ميثا ) وعيالها ماكلتن مرزقه دايم وهي عندهم كن ماعندها بيت .. فكّر مرّه يلاغيها على كثر الجيّات وتركها لرجلها و... ورا بيتها مايبزاها لكن هوّن .. لاتقطع وجهه عند الناس اطول مافيها لسانها .
لبس بشته وطلع .. اوّل ماأقبل على الجماعه .. تلقّاه ( تفق ) : ابطيت علينا يارجال .. انهج عطّلتنا .. و ( تفق ) هذا مهوب اسمه الناس مسمينه بهالاسم عشان واحدن من جدّانه كان يبيع السلاح مع ان وجهه مهوب وجه سلاح ولا حتى نبابيط ..
مشوا الربع لبيت ابو محمد وقدامهم الغليّم ( راجح ) ماسكن التريك يسفّر عليهم الدرب ..
وهم يمشون التفت ابو عبد الله على ابو راكان اللي كان يمشي جنبه وقال له : وشذا البشت يابوراكان مالقيت غيره قال ابوراكان والربع ملتفتين عليه : هذا الموجود
ــــ لا مايصلح هالحين الى قربنا لبيتنا ادخل اجيب لك غيره .. عندي بشتن زايد وازين من ذا اللي عليك
ـــ يابن الحلال مهوب لازم هذا يسدّ
ـــ لا ابد انا حلفت .. هو قاعد قاعد البسه الليله والى عوّدنا خذته منك
ـــ تمّ ... شورك وهداية الله
دخل ابو عبد الله وجاب البشت وقعد ينفضه قدام الربع ( شوفوه زين مهوب مثل بشته ) .. فصخ ابو راكان بشته وعطاه ابو عبد الله يحطه عنده الين يعودون ولبس البشت الثاني .. ومشوا .. في الطريق لاحظ ابو عبد الله ان ابو راكان يمشي جنب الجدار التفت عليه وقال : ابو راكان .. وخّر عن الجدار لايحك البشت فيه ويتوصّخ .
بلعها ابو راكان وواصل ممشاه .. ظهروا من سكه ودخلوا الثانيه اللي يتوسّطها منقع مويه عقب المطر اللي نزل من يومين .. عوّد ابو عبد الله يقول : ابو راكان الله يعافيك .. ارفع البشت لايتبلل بالما ؟ حمق ابو راكان لكنه بلعها وسكت
وصلوا بيت ابو محمد وصبوا لهم القهوه .. وشوي وقلّطوا العشا وظهر ابومحمد يقول : تفضلوا الله يحييكم على قلّ الكلافه ... هذي الساعت المباركه .
قعدوا كلهم على صينيتين ابو عبد الله قعد مع مجموعه وابو راكان من قرادته قعد مع الثانيه .. وسموا في الاكل وولدابو محمد واقفن على روسهم بغضارة الما .. ماأمداهم يسمّون الا وابوعبد الله رافعن راسه يدوّر ابو راكان ويقول له : ابو راكان .. ارفع كمّ البشت عن الزفر .. الله يهديك قاعدن بالبشت على الاكل ؟وابو راكان مطمّن ويقول بينه وبين نفسه : وش هالبلشه الله لايعيدك ولا بشتك ..
واحدن من الجماعه اللي سبقهم لبيت ابو محمد كان قاعدن جنب ابو راكان وسأله : وش السالفه .. وش فيه ذا ؟
ـــ يابن الحلال البشت اللي علي له الله لايعقله هو ويّاه ( وعلّمه السالفه كلها )
ـــ عاد مالقيت تاخذ الا بشت هالكريه اللي كنه متمضمضن بعشرق والا ماصّن لوميّــه ! ورا ماعلّمتني وانا اجيب لك بشت. المرّة الجايّه علّمني . وابشر به .
قضت العزيمه وسروا وخذ ابوراكان بشته ابو زري منقوض ومنشقّن اسفله .
عقب شهرين نزل واحدن من الجيران في بيتن ثاني اكبر وازين وحطّ نزاله وعزم الجيران وجو كلهم وابو راكان توّه ظاهرن من المسيد بيروح يجيب بشته المشقوق .. قابله ( مبارك ) لابسن بشت وحاطن على يده واحدن ثاني نادى ابو راكان وعطاهياه وقال له : البسه ولايهمك يارجال .
ـــ الله يجزاك خير .
تجمعوا الربع مثل العادة ومشوا للعزيمه وهم في الطريق التفت مبارك وقال لبوراكان : وراك مبعدن عن الجدار خايفن يتوصخ ... خلّه يحك بكيفه .. حكّه ... حكّه .. ماعندنا الا حلالك .؟
( ابوراكان في سرّه ) : انت اخسّ ووصلوا منقع ما .. غير ذاك المنقع الاول التفت مبارك وقال : ابو راكان لاترفع البشت عن الما... خلّه يخنطل .. بكيفه .. يفداك ؟
( ابو راكان في سرّه ) : هذي والله البلشه .
وصلوا وتقهوو وقلطوا على السماط .. ومبارك كل شوي يرفع راسه ويحاكي ابو راكان قدام الربع كلهم : وراك ترفع كم البشت خايفن عليه من الزفر .. بصره تحدني اقوم هالحين اغطّه بنفسي ..
وابو راكان ضاقت به الارض وعافت نفسه الزاد .. وعزم انه ماعاد ياخذ بشت احد .
العزيمه اللي عقبها مالبس بشت ذا ولا بشت ذاك ... لبس بشته المنقوض زريه والمنشق اسفله ..
وهو يقول : حمارك الضرير ولا موتر الغريب ...
آه .. يازين .. بشت ابو راكان
التاليه ..؟