تأثير ابن سينا العظيم على الطب العالمي :
إن شهرة كتاب القانون لابن سينا كانت عظيمة حتى أنها حجبت شخصيات مرموقة مثل أبقراط وجالينوس حتىنهاية القرن السابع عشر، وقد وصفه اوسلر بأنه أشهر كتاب وضع في الطب على مر العصور؟، وكإنجيل طبي دام أكثر من أي كتاب آخر.
جاء في سيرته كما كتبها أحدتلاميذه أبو عبيد الجوزجاني أن ابن سينا وهو في السادسة عشرة من عمره. كان طبيبذائع الصيت حتى أن حاكم بخاري في ذلك الحين نوح بن منصور دعاه لعلاجه، وبعد شفائهوضع مكتبة قصره تحت- تعرفه، فقرأ فيها كتبا نادرة، وفي عامه الثامن عشر، كان ابنسينا قد قرأ كل ما عرف في عصره.
إن القصة التالية لدليل على مدى براعة ابنسينا واكتشافه الصلة الوثيقة بين الحالة النفسية والمرض العضوي للمريض : ـ
"استدعى ابن سينا للكشف على أحد المرضى، وبعد فحصه فحصا دقيقاتأكد أنه لا يعاني من مرض عضوي ولكن من حالة نفسية، وعندئذ استدعى رجلا يعرف أحياءالمدينة وشوارعها خير المعرفة، وأخذ في سرد أسماء الأطباء اسما اسما بينما يضع ابنسينا إصبعه على رسغ المريض ويحس نبضه ويلحظ التغيرات على وجهه، حيث لاحظ عليهالتأثير عند ذكر اسم حي معين، وعندئذ بدأ في ذكر شوارع ذلك الحي حتى اكتشف الشارعالذي تأثر بذكره هذا المريض، وهكذا حتى وصل إلى ذكر البيوت وساكنيها فردا فردا، حتىذكر اسم فتاة معينة، فعرف إن الشاب يهواها ، وكان العلاج هو الزواج وتم بعده الشفاء ".
إن كتابات ابن سينا في فروع الطب المختلفة كثيرة، فهو من روادالطب النفسي البدني السيكوسوماتيك، وهذه القصة مثال للطرفة[طلبابن سينا لعلاج حالة مريض نفسي يعتقد انه بقرة، ويرفض الطعام الذي يقدم له ويطلب أنيذبح، وعندئذ استدعى ابن سينا جزارا ووعد المريض أن يذبحه، أوهم المريض أنه جاد فيذبحه ولكنه أخذ يتحسس جسمه ثم قال "لا.... هذه البقرة هزيلة جدا وتحتاج لبعضالتغذية وفعلا أخذ المريض في تناول الطعام ثم شفي بعدها]
كتبجرونر في رسالته عن طب ابن سينا التي نشرت في لندن عام 1930 م، إن انجازات ابن سيناالطبية، وأفكاره هي ما يعتبره البعض الآن انجازات حديثة، ومنها العلاقة القوية بينالمشاعر والتغيرات الجسدية وفسيولوجية النوم وأهمية تنقية مياه الشرب ،وتأثيرالمناخ على الأمراض، وأهمية إتباع نظام في الطعام،
واستعمال التخدير بالفم،واختبار مدى قوة العقار بالتجربة من الشرج، وعلاج الأمراض العقلية باستعمالالملا ريا المفتعلة.
ونجح ابن سينا في وصف الأمراض بدقة متناهية مثلالتيتانوس، والسل، وذات الجنب، كذلك كتب في قانون الطب والتعارف الطبية والنبض.
كان ابن سينا أول من شخص مرض التهاب العصب الخامس، وفرق بين أنواع شللالوجه المختلفة، كذلك كتب عن تأثر بؤ بؤ العين بالضوء ووصف عضلات العين السته ،كماوصف التهاب السحايا وصفا إكلينيكيا مفصلا مع أعراض المختلفة ، وقد أدرك أهميةالرضاعة الطيعية للمولود والأم ، ووضع قائمة لأحسن الطرق للرضاعة ، وذلك من خلالكتابه عن تدبير الحبالي والصبيان .