اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نافع التيمان
الأقرب جمال الشقصي ..
قرأت أكثر من مرة فــ أردت أن أقتص مقطع من هذه الترانيم الفلسفية المنطقية حينا ,, والمثالية الجبارة حينا آخر .. فعجزت .. أردت أن أثني .. فأدركت أن لا جديد .. فهو جمال الشقصي .. ولا يحتاج هذا ..
أبحث عن ما يمكن أن أعلق عليه للإثراء .. فلا أجد .. فأنت الثراء .. وربي
تمور بي أمواج الإنطباع الذاتي للرائع جمال الشقصي لتخلق لدي عدوى تصيبني بالدهشة فأوافق كــ مؤمن بلا نقاش بذاتية تنمو لتشكل رأي عام في كل ذرة من ذرات خيالي ومنطقي ..
هناك لمحات خارقة ودقيقة جدا .. لا أتردد بأن أقول أن القراءة حين تصاغ بكل هذا الوعي المحكم بــ ما هية الزمن واللاوعي المتدفق من خلال صوت وترانيم عبادي الجوهر تعطي بعدا ثالثا ورابعا لقيمة النص ..
فأحببت أن أبدي رأيا بسيط هنا .. يزيدني فخرا .. أن يكون بحضرتك ..
..........................
يقول الأستاذ جمال الشقصي ..
فالبدر يستشعر اللحظات كلها، ويستقرئ جيداً ذلك المجهول القادم، أو ليس هو الذي قال يوماً:
(ألا يا الله كان اللي مضى لي يشبه المجهول).. ونحن ندرك أن المجهول صفة تقترن دائماً باللقادم/بالمستقبل.. فكيف أصبح المجهول لدى البدر هو رمز الماضي (مضى لي) ؟!.. ولو كان هذا الشاعر كاتباً عادياً لقال دون أن يتعثر به الوزن (بقى لي يشبه المجهول).. ولكنه لو فعل ذلك لتعثر به الإبتكار، وسقط في هاوية التقرير والإخبار والتبسيط لا محالة!
فكرتي الخجولة .. بحضورك :
أستوعبت جيدا أن المستقبل كــ زمن لدى البدر ما هو إلا ماض أدركه فهو بحكم المنصرف _ الزمن _ .. وهي خبرة وحدس وقدرة على التعايش بغير الزمان .. لقدرات ومؤهلات تقرب الشاعر من النبوءة بوجهها الجدلي ..
أو أن البدر مع تجربته للــ ماضي كزمن لا تزال مجهولة لا يتذكرها ولا يستوعبها .. ربما لحكمة شعورية أرادها .. وهنا يخالف استيعابه للقادم / المجهول فهو لم يستوعب الماض المعلوم فكيف سيدرك المستقبل / المجهول ؟
وهنا أيضا بعد عن التقريرية والمباشرة .. وتوجه نحو الإبتكار , أو ربما التناقض .. لأن الشطر من قصيدة أخرى .. والتناقض ليس عيبا على الإطلاق .. لكنه تناقض فيما يميزه وهو .. الزمن .. وهنا .. ولأن الزمن من المؤثرات النفسية التي تؤثر في رسم ملامح أي شاعر_ بل أي إنسان _ بنسب متفاوته من شاعر _ أو إنسان _ لآخر أرى أنه ينقص من نسبة تأثر البدر بماهية الزمن .. لأن الزمن وشم يرتسم في مخيلة وشعور أي شاعر ويؤثر بشكل متكرر في كل نصوصه وفق نظرة ثابتة ومكررة بنسب متفاوتة لكنها لا تثبت حينا وتنفى حينا آخر .. هذا ما استطعت فهمه من خلال الشطر التالي ..
(ألا يا الله كان اللي مضى لي يشبه المجهول)..
كيف وهو المدرك للزمن القادم .. يجهل مامضى ؟
إلا إن كان الأمر تناقض مقصود ومبتكر .. وهذا ما لا أعتقده .. أمانة .. لأن الأمر هنا يفرض علينا ويوجهنا لتعاطى تجربة البدر كاملة وفق منظومة الزمن وتأثيره في تجربة البدر .. وحين نتناول هذا الأمر ربما سنجد الكثير يخالف هذا التوجه ..
أوافقك أخي جمال أن القصيدة محل القراءة فعلا أجاد البدر في توظيف الزمن .. لكن الكثير من الروعة وتسليط الضوء كانت نتيجة قراءة جمال الشقصي .. ومداه فالقراءة الإبداعية هي من تضيف للجمال جمال ..
لكني لا أرى أن البدر يتعامل وفق إدراك تام ومقصود لعنصر الزمن .. وإن كان كثيفا في نصوصه .. لا يصل لدرجة التقصد .. ومبرر طرحي لهذا الرأي أرى أنه الشطر أعلاه ..بالأحمر ..
ربما نتفق أن البدر يدرك الزمن لكنه ليس إدراكا بمعنى العلم والإستعداد لما سوف يحدث ,, ويقابل ذلك بشجاعة ,, لكنه مستعد لأنه محبط .. فنعلم أن المحبط يستطيع رسم تفاصيل إحباطه وهو الإقدر على التبرير .. من خلال الإحباط ..لا الشجاعة ..
وهذا ما أراد البدر أن يكوّنه لذاته كشاعر حين تحدث عن العارف بالزمن .. ليست معرفة حقيقة ترسم للشخصية في القصيدة صفة الشجاعة .. بل هو إحباط واستسلام .. منطلق من إحباط لا معرفة .. والدليل على ذلك _ أقصد إحباطه _ أنه في النص محل القراءة لا يعاتب ويتوقع النهاية منذ البداية .. وفي الشطر موضوع الإحتاج لدي .. يصور أنه محبط لدرجة أنه يجهل الماضي .. بينما هو لا يجهله حقيقة .. لكن بلا مبالاة محبطة كان " لا يعاتب .. يدرك النهاية .. ويجهل المعلوم .."
الجميل أن تتوالد الأفكار الصغيرة في ذهني حين تبهرني الأفكار العظيمة التي يتحدث حولها الرائع جمال الشقصي ..
الشاعر الأستاذ جمال الشقصي ..
دمت جميلا .. لك الود .. وأكثر ..
|
\
الرائع/ الأمير.. القريب من الذات جداً
نافع التيمان
إن التفكيكية هي بؤرة التنظير والنقد الأاكاديمي كما هو معلوم ومتفق عليه، وأنا لا أبحث في هذه القراءة عن شيء من التنظير، قدر بحثي الدؤوب عن أسباب وقوع ذاتي أسيرة داخل فضاءات بعض النصوص الشعرية، بالضبط كما يحدث معي داخل هذا الأسر الحر عند الرائع بدر بن عبدالمحسن، وإنني أعلم مدى وعيك وتفهمك لهذه النقطة، كونك أحد أهم الأسماء التي أحتفي بسقوط ضوئها المبهج على عتمة حرفي الباهرة أيها الأنيق الرائع.
:
أما في ما يخص الزمن داخل هذا النص، فهو لا يعدو كونه وقت اللحظة، وقت المشوار، وقت الخطوة التي سُمّيت لحظة نهايتها مسبقاً، وقبل الخوض في غمار وخضم هذا الطريق المؤدي جهة الحب/ أو قبلة الآخر. مقابل ذلك فنحن لابد أن نعلم جيداً أن الزمن في تجربة البدر ـ لا في نص وحيد من نصوصه ـ هو الأمر الأخطر، ذلك أن هذا الشاعر يأتي ـ من وجهة نظري الصغيرة ـ كواحدٍ من أهم المجربين الحقيقيين في مخاض الشعر الشعبي، ويعد أخطر من يؤنسن الموجود/ البالي/ والرتيب لدى الآخرين، ليصنع منه أنموذجاً حياً يشعرك أن كل الجماد من حولك ما هو إلا مخلوق يستحق نظرة منك إليه، أو توجهاً لو لوهلة وقتٍ صوب كيانه المهمل.
وإن جئنا إلى مثال المجهول الذي أدرجته هنا:
(ألا يالله كان اللي مضى لي يشبه المجهول).. وتحدثنا عنه بصورة أعم وأكمل، فذلك هو الأسلم لنا يا نافع، ذلك أن هذا الشطر له ما يبرره كثيراً في ما لو أننا أكملنا قراءة البيت كاملاً، حين يقول البدر:
ألا يا الله كان اللي مضى لي يشبه المجهول=تيسر لي عدوٍ ما عليه أشباه مضنوني
[POEM="font="Simplified Arabic,4,blue,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=1 align=center use=ex num="0,black""]ألا يا الله كان اللي مضى لي يشبه المجهول+تيسّر عدوٍ ما عليه أشباه مضنوني![/POEM]
فباكتمال هذا البيت، أجدني متفق معك في كل ما يتعلق بانكسار البدر، ولكنني أضع نقطة أخرى كإضافة إلى مكامن هذا الانكسار، فيحن يصف البدر عدوه (تيسّر لي عدوٍ) بأنه أنقى وأسلم من الحبيب (ما عليه أشباه مضنوني) فهنا إشارة إلى أن مسببات الانكسار أخطر مما كنا نتخيل.. وأبعد من كونه الزمن هكذا.. حافاً وحيداً. فالإنسان من وجهة نظري هو عامل تكوين الزمن والوقت، وهو المعوّل عليه أنسنة عصره وتحضيره وتطهيره من شوائب الحقب القديمة، وهو المسئول كذلك عن ربط الزمن الآني بالأزمان السابقة حسب الفعل الإنساني الذي هو قائم على إنجازه. وبين هذا وذاك.. فالبدر يرى أن (إنسانه) المشار إليه داخل نصوصه ليس واحداً أو فردا في أغلب الأحيان، بل يتجاوز هذا الكم أحايين كثيرة ليصل إلى مستوى الأمة والشعب برمته!.. وفي هذا الجانب سيطول الحديث بيننا أيها الرائع نافع التيمان، ذلك أنني أحد الذين لا يتحدثون عن ذائقته كثيراً أمام الملأ، بل أنا المحتاج دوماً إلى ركن صغير ضيق، لا يضيء أحرف النقاش فيه إلا أمثالك الكبار، الذين يحولون أضيق الأركان إلى سماء اخرى، تكفي للتحليق طويلاً، وتكفينا قطع الأميال الكثيرة في أقل فترة زمنية ممكنة.
:
من هذا وذاك.. إنك رائع يا نافع، ولا أجد بين يديك إلا فانوساً تحمله أنت كما يقول سركون بولوص : (حامل الفانوس في ليل الذئاب).. وأقول لك: إنك حامله في ليل الغرباء يا نافع.
ممنون لروحك إلى ما لا نهايات.
/