صديقي المجهول

[موزه عوض]

.
.
اعيذني من كل ضر يترقبني،
من كل عين تتتبعني ،
من اي سوء يتربصني..

.
ثم ينفث الشر جهة الشمال ثلاثا
واعود إليك احمل سلة الاشواق
الأمنيات المرصعة بحبات القهوة
المنسقة بازهار البساتين..
.
كل هذا يا صديقي في قلبي
عندما أعود..
كطفلة شقية تتعمد خلق ما يلفت الأنظار
كل شيء لن يعود واعلم أن عودتك من شبه المستحيلات.

.
احيانا الصباحات تثير ضجة فناجين القهوة..
تثير ربكة العالم لحدث معين
تثير الاشواق عن بعد
تثير سنوات الحياة البعيدة
تثير الحروب والدمار والشتات
تثير الغموض في الرجال
تثير الفتنة في عيناهن
تثير بقية الهروب عند ضفة القطارات البعيدة..

وتثير مشاعر أنثى لم تعد تلك التي تركتها
عند أزقة الطرق القديمة وأبواب الحديد الكبيرة
وبائع البقالة الفقير وصاحب الصحف العظيمة..
.
فالاثارة يا صديقي تضج بالرعب احيانا
تنوء خواطرنا نحو اللاشيء..
ولكن الصباحات تعيدنا كل يوم الى ذواتنا
لنخلق شيئا ما جميلا لعله يلملم انصاف الحلول وبقايا أحلامنا..
..
لا تيأس يا صديقي
ربما قلبك أكبر مما في وريدي لتضج فيه الحياة
والموسيقى وانتظارات جديدة..
.
كن على وعدك أن نلتقي

كما تغني ام كلثوم..
أغدا ألقاك..


.
ثم..

نعوذ من الكلمة التي تغوص بنا إلى القاع
وتنقذنا في الحالات الأكثر إيمانا بحب الله ورسوله ♥

 

[موزه عوض]

.
..
.
احب التفاصيل الصغيرة التي تشعرني بربكة الرقص حولي، اكتفي بالابتسام ومعي كل أوراق الشجر مقلمة ونصف قلم رصاص وبحر عميق تغوص عيناي حد الأفق الذي لا يعيدني هنا..
نحن نكون من كل المواد العظيمة التي تتخلل فينا كنشوة الصبر على الحياة..لذا..أحب الدوران عند منتصف الحقيقة لأعود انا فقط بلا انت..
نحن التفاصيل المتبقية من لزوجة الأرض ورطوبة البوح ورعشة الخوف
نحن بيننا أحاديث لن تنتهي إلا بإعلان رحيل أحدنا، نحن الطفولة التي لا تغيب عن ناظرينا، توقظ مراجيح الفكر ثم تعدو بعفوية مطلقة نحو الجانب الآخر لكوكب الأرض القديم، نحن أصدقاء كلون الكحل في عيناها الغجرية، كفيلم قديم زادنا عشقا ونور، عاد بنا نحو الجنون بقناديل حول خبز التنور،
نحن الاشجار التي ينمو تحت ظلها اوطان كبيرة، أبوابها عظيمة، بساتينها قلوبنا البيضاء الجميلة
لا تتحدث معي عندما تسمع لحنك القديم..
وتسمعني اياه مع زقزقة العصافير
ساخبيء هدية المناديل عند ضفة انهارنا البعيدة
ثم أعود كطفلة لا زالت في المهد تلهو وحدها.
نحن الأشياء ذو النصف ذاكرة والابتسامات العريضة
والنصف فنجان من القهوة والذكريات ذات المقاس العريض
كمائدة تكومت حولها أحاديثنا الثمينة وبين المرايا انعكست
ضحكاتنا على عجل قبل ينام الليل على وسادته ينتظر وينتظر وينتظر..❤

 

[موزه عوض]

.
.
اما انت يا صديقي البعيد
تعاني وحدك غربتك..
ذاكرتك المنفية
تعاني أحلامك المبتورة،
صمتك المجنون
.
تذكر أن في بواطن كلماتنا رحلات منسية
بأسماء وعناوين مخفية تحت نياط السؤال
والحال في أغنية قديمة جدا..
.
تعب الحنين وهو يجافي القرب
تعب الوقت في إحصاء الدقائق
.
.
لربما كانت التفاصيل الأكثر جميلة تجمعنا
هي اغاني زمان وأماكن لم تعد اليوم معنا
.
.
ف لتعلم يا صديقي المجهول
.
ثمة حياة أخرى
تحتاجنا..تجتاحنا عند زاوية ما
.
تخبرنا بها ام كلثوم وادندن معها:
.
رجعوني عنيك لأيامي اللي راحوا
علموني أندم على الماضي وجراحه
اللي شفته قبل ما تشوفك عنيه
عمر ضايع يحسبوه إزاي عليّ
انت عمري اللي ابتدي بنورك صباحه
قد ايه من عمري قبلك راح وعدّى
يا حبيبي قد ايه من عمري راح
ولا شاف القلب قبلك فرحة واحدة
ولا داق في الدنيا غير طعم الجراح
ابتديت دلوقت بس أحب عمري
ابتديت دلوقت اخاف لا العمر يجري
كل فرحه اشتاقها من قبلك خيالي
التقاها في نور عنيك قلبي وفكري
يا حياة قلبي يا أغلى من حياتي
ليه ما قابلتش هواك يا حبيبي بدري..

.

 

[موزه عوض]

.
احيانا اشتاق إلى تفاصيل غائبة
لن تعود ابدا ما دمنا في زمن لا يهتم البعض بالبعض
ينتابني شعور الجمود يا صديقي
أشعر بقشعريرة ساعات الوقت تسري في جسدي
احتاج الى البكاء الطويل
أن اصرخ بأعلى صوتي وأخبر العالم
يأست من كل ما يحيط بي
حتى أنني يأست من نفسي التي اعتادت
على تكون في أوج نشاطها وسعادتها الصباحية
يأست من تقلب الأدوار وانقلاب الأحوال وتبلد حواس البشر
صدقا صديقي انت لا تعلم أن قلبي يئن من الداخل
احيانا يشعرني بالموت البطئ
وخذلان الشعور الجميل بين أوردة افكاري

.
احتاجك عندما تحيط بي الحيرة من كل الجوانب
احتاج القفز للأعلى لعلي اتمسك باغصان الجنة
.
انا اعلم ان الأحزان لن تفيدني
أن كل دمعة تسقط على وجنتي
لن تقلل من احساس الضياع
أن كل ما اكتبه سأنساه غدا
أن ما يعتريني الان شعور البؤس
من كل شيء لم يعد جميلا كالسابق
..
ينهكني هذا الشعور واحتاج
إلى يدا تمسك بيدي لتأخذني معها نحو الآمان
.
كل ما يدور حولي مجرد انتظار ليس إلا
انه الخيال الذي يبعث للنفس متنفسا آخر نحو الأمل
.
فالبكاء يا صديقي كان الملجأ ذات يوم.
تركته لكرهي العبوس الذي يطلي ملامحي بالرمادي
تركته خلف أنقاض السنين واقسم أن لا انبش في تفاصيله

.
ستقول..واليوم مالذي اعتراكِ،؟
.
لن تجد مني إجابة
إنما المشاعر ما بين القمة والقاع تسلبنا الأمان
تأخذ راحة بالنا، لتنتكس حياتنا رأسا على عقب

.
ما يمكنني اخبارك عنه
.
احتاج للبكاء ما بين فترة وأخرى
كي لا تتراكم مشاعري الحزينة مع ايامي
ويعود الجرح القديم حاضنا ابتسامتي المعهودة..

.
.

 

[موزه عوض]

.
.
.
.
.
صديقي..
.
لن أخبر الاشواق كم هي ملفتة للانظار
ولن أخبرك أن كل ما بيننا هو محض
من الخيال ودندنة من اغاني الزمان..
.
.
لو تعرف ان الالحان وحدها تبتسم عند
كل حرف مارد لا يتجزأ إلى نصفين...
عند كل الطرق التي تؤدي إلى الكتمان.
.
أو تدري ان الأحزان تسكننا منذ سالف الازمان..
وعند التقاء الدمع بالاوطان
.
.
لربما كان الغد يبيح لنا ذات اللقاء
وذات الأماني العالقة على غصن الأوتار.
.
.
أنت يا جنة حبي واشتياقي وجنوني
أنت يا قبلة روحي وانطلاقي وشجوني

أغدا تشرق أضواؤك في ليل عيوني
آه من فرحة أحلامي ومن خوف ظنوني..

.

.

اوا تعرف ان الدنيا اتعبتنا
وزادت من الهموم وانهكتنا..
..


ام كلثوم لها رأي آخر :
.
هذه الدنيا كتاب أنت فيه الفكر
هذه الدنيا ليال أنت فيها العمر
هذه الدنيا كتاب أنت فيه الفكر
هذه الدنيا ليال أنت فيها العمر
هذه الدنيا عيون، عيون أنت فيها البصر
هذه الدنيا سماء أنت فيها القمر

 

[موزه عوض]

.
.
.
..

على ما يبدو فإن ذاكرتنا تنحسر
تتضائل، ترسم لها منحنى بعيد جدا
عن هذا الزمن، قريب جدا نحو الأمس
.
البارحة عند ذاكرتي معك
عقلي اللامحدود..الممتد نحو كثافة الوقت واليوم
والساعات والابيات والقصايد والروايات الطويلة
ذات المجلدات العظيمة..
.
..
انت ايضا بدأت بإتقان نظرية الانحسار نحو نفسك،
حتى ذاك الزمن الذي يلفظ اسمائنا.
.نظراتنا الأولى..خطواتنا عند عتبة النوافذ المطلة
على سكة الحي الصغير، يلفظ انتطاراتنا
ونحن ندندن مع نجاة الصغيرة ووردة الجزائرية
في طريقنا نحو المدرسة..
يلفظ احساسنا المترف بالورد والحب
والشوق وخجل الأنثى..
..
.
اتعرف مالذي يجرفنا إليه..؟
انه شعور الوحدة القاتل والانتظار الممل وفناجين القهوة السوداء
الممتلئة بها مقاهي المدن، وقلم يكتب بلا حدود
عندما تغضب الأرض وتتناحر الاشواق وتُردم مشاعرنا الباهظة
تحت رحى الأيام الباهتة بعنف..💔
.
.
ليتك تدرك أن الكتابة تشعرني بالطمأنينة حتى إشعار آخر....❤
.
.
تقول نجاة الصغيرة :
.
حبيب عينيّ حبيب أحلامي
حبيب دموعي وهنا أيامي
أهون عليك أسهر بألامي
وتوه نجوم الليل في ظلامي
أهون عليك أسهر بألامي
وتوه نجوم الليل في ظلام
.
.

 

[موزه عوض]

.
.
.

لماذا تنتابني تلك الكآبة عند انتظار شيء ما؟
لماذا نقف عند مفترق الطرق
المتفرعة بين أصابع الزمن؟
لماذا لا يشعرني الوقت بالالهام؟
شعور البهتان يبعث داخل الحروف عاصفة هوجاء عنيفة
تحطم معنى التحدي، معنى أن تقفز بكل جسدك مع الرياح
لماذا...والليل داخلي هائج..

.
كان صديقي يوما يخبرني
أن لا تخافي ما دمتُ بقربك
لا ترعبك فكرة الرحيل
ولا تتهاون مشاعرك عن الاستمرار
ولا يرحل العطاء من قلبك الجميل

و لا
ولا

وبين هذه اللا ولا النافية
حدود تم إغلاقها بالشمع الأحمر

أما أنا...
سأمت من تكرار الحديث الذي
يدور بين السماء والأرض
سأمت أشيائي البسيطة والصغيرة
سأمت من بعادك..تغيرات الفصول
سأمت الأنا الكئيبة...
أصبح كل شيء لا يهم
حتى هذه الحروف باهته
لا تغني ولا تسمن من جوع
لا لذة فيها...
لا حياة لمن تنادي

صديقي الذي لا أعرف عنه اي شيء
ولا ادري أين هو يكون..
.
الا تشعر أن قوة طاقاتنا قد نفذت من الحياة؟

 

[موزه عوض]

.
.
كلما ارخيت مشاعري اشتدت بي الحاجة إلى التقلص
كلما ارخيت لحظة الهروب نحو اللامدى..
استوقفني الضوء الأحمر
الموازي مدن السلام وحكايات جداتنا المسنات..
ارخيت حبال الود فمزقوها واستبدلوها بتهكنات غريبة
كان المد يشتت ذاكرة عمري الباقي
يكاد الغيم أن يمطر حجارة وصخر..
ارخيت جدائلي الملتفة على أغصانها الخضراء
تحت شجرة السدر القديمة..
امتدت اصابعي حتى الشمال من اللغة الأم
فاكتفى الصبر وسأمت سنوات النهار الطويلة
اختفى صوت الصباح عند صدى أصوات الغناء الأول
ارخيت حبال الخيمة واستشرى الحلم الصغير
بات مبللا بالدمع مخنوقا خذلان البشر..
ارخيت نفسي..طاوعتها..استسلمت حتى
ماتت عند التقاء الليل والنهار...
عند قارعة الطريق انسلخت راحة كفي
فالدماء يا صديقي ضرجت بياض النوايا بالرعب
فعدتُ باكية انتظر لحظة خروجي من شرنقة المكان
كلما ارخي الليل ضوءه على رمال الصحاري
اختلفت النوايا وضج الكون بالنفاق..
اكتفيت من العطاء الباذخ والسؤال
لماذا علينا أن نعطي ولا نكتفي..؟
لماذا ترتخي المشاعر حد اللاشبع ويغرق القلب
في بحر تتقاذفه ألسنة الحيتان الكبيرة..؟
لست بصحراء كي احتوي اليباس
لست بالبحر ذو الجهات الأربع..
لست بالخيمة الدافئة المكتنزة بالتمور وفناجين القهوة
.
لست وحدي يا صديقي من يهرب
لي جسد واهن احترق منذ الصبابه
الا يكفي انهم احالوني لمكان لم يكن لي..!

.