إذا الصُبحِ تنفس...

[صبا الكادي]

(صباح الورد)
لم تعد تكتب وترسل أو حتى يهمس بها
و أصبح من بعد غيابها صباحي له شروق باهت
ولكم أن تتخيلوا باقي تفاصيله إذا علمتم أنه ...
حين كنا نغرد وذاك الطير
بـ صباحِ الورد
كان لها سحر على روحي.. فأشرق أنا من بين حروفها
وتضحك السماء للأرض
وتنبت على ثغرها السعد
كانت الغيوم تراقص النسيم الهادئ
وتهدي سنابل القمح القطر
كانت عيناي تضحك له دون أن تراه
وغدا الزمن عطراً يتنفسه صدري وانتشيت به طرباً
لتعزف أناملي في الهواء لحن الأشواق
كانت الدنيا هي لون الطيف وأريج الزهر
حتى البحر
في صباحاتنا مختلف
له موج من فُلّ
يُقَبِلُ به وجنة الرمل
والألوان تداعب عيناي
فصيرتُ أهدابي فرشاة تلون الشوارع والطرقات دون ذاك السواد
وتراقصت لفرحتنا الأشجار وأعمدة الإنارة
وتمايلت عند ناصية شارعنا الإشارة
وأنا استمع لتراتيل المحبين
واتلوها عليه بخشوع المشتاقين..
وأنا أردد(صباحكَ ورد) ...

 

[صبا الكادي]

قطعة حجر قلبي حين فراق.
لم تتسارع نبضاته..يضرب فيه سيل الوجع ولا حراك..ليس على عادته.وهذا ما أقلقني على حالي وإلى ما سيؤول حالي.
لم يتلعثم لساني. وبالأحرى لم تكن لدي رغبة في الحديث أو حتى الاستماع
لذلك قاطعتك: بـ فضلاً توقف فـ حديثك مؤلم ولا رغبة لدي بالألم.
ففي قمة الوحدة تجمدت أطرافي من برودة مشاعري و تفاقمت في داخلي اللامبالاة..
ولي عذري فـ الوصول لقمة الأشياء لا نشعر بعدها سوى بالبرد.
لم تحظى مني حتى بـ كلمة عتاب..
كنت أرددُ خلفك..(صح..صح.. ما تقوله هو الصحيح..)
وأنت تنتظر مني أن أثور..أرفض قرارك أستنكر كلامك..!!
كنت معك كتفي بكتفك أينما مضى بك قرارك ثق لن أخالفك، أعلم بأنك اعتدت وقوفي أمامك متمردة.. ثائرة..لا أقتنع بالقليل منك..
ولكن انتهى صوتي وأنا أناديك..وذبلت روحي وهي تشتاقك..وأدركت أن الجمود أمامك هو الحل المريح
وكذلك اكتشفت أني في نهاية المطاف صرت أشبهك وأتقنت مهارتك في الهروب.
الم تسمع (حال الهوى أحوال ,, كل يوم يجيك بحال)
استودعتك الله..تلك الليلة..وأبعدت كتفي عنك وجعلت ظهري لك
ووضعت كفي تحت خدي الأيمن وأغمضت عيني وحرصت أن أتمتم بأذكار ما قبل النوم
وكأني أطرد كل هواجس تتعلق بك حتى حروف اسمك أنكرتها ذاكرتي.
من حقي أن أنعم بنوم هنيء..حتى لو جحدتُ قلبي من بين أضلعي..من حقي..

 

[صبا الكادي]

هناك عرسٌ في جنائن الإنتظار يقام لك كل ليلة وكل ليلة لك فيها من الشوق(عروس ) بيدي المرتعشتين أُزينها لكَ.
وشمتُ بالدمع وجنتيها..وبالصبر خضبتُ يديها..وفي تسريحة شعرها خبأتُ حزناً معقوداً بآهات الحنين
وأما ساقيها ..فهي (حكاية)لم تروا حتى في ألف ليلة وليلة
ولم تتغنى بها السنين ..
وذات ليلة..على سمينةَ ساقها الشمال كشفت عن بدراً صغيراً هي (شامة)ولدت معها كرفيقة وعلامة فارقة
والعروس ترى في سواد شامة البدر (ذكرى ودربٌ طويل)
اختلاف نبض وارتجاف أنامل..موت لهفة لا حداد عليها
وفي جيدها دهراً من الندم.. يلتف حول خصرها يقتلها قبل كل زفة. وضميري من يشد القيد عليها فقط ليؤنب صدراً احتواه..
في صمت عروسنا غناء ..وضرب دفوف..وكلمات قصيدة صارخة مبتورة اللسان..
وفي عينيها عسلية سؤال.. (متى يعود)؟
وفي كل ليلة العروس دون جنائن الوصل بالله قل لي كيف تُزف؟!
ألم تعلم ؟! هي حافية القدمين..
قال يوماً ذاك الشيخ اللافقيه يعبر رؤياي بعروساً حافية الأقدام:
عروس حافية الأقدام!!يالغباء النساء ! لا معنى ياهذه للإنتظار فهي بلا عريس
وستذبل الجنائن وتشهد سيقان الشوك بأنه كان هنا في ليلة من الليالي (الآتي)
عروساً بلا حذاء
وبدراً توشم بالسواد
ودفاً رُقع بصوت مبحوح
وزفاف حضورهُ من المعزين
(ومُزينة) في مِشْطِها سُمَ فِراق..؛؛

 

[صبا الكادي]

أُشعِلُ أوجاعك لهائب تحرق أخضر آمالي.وتجتثُ من طين فؤادي كُل ما يتعلقُ بك.
فـ كم وددت حينها لو أغرس رياحين حبك في صدري أتزين بها عند كل زفرة آه
لتنسيني رائحة الاحتراق وطعم الحنين المخضب بالفراق.

كنت أراك دوما أمام عيني والآن إما أراك عن يميني أو شمالي مائلاً إلى خلف ذهني قليلاً
لا أبصر منك سوى أشباه طيف لك
لا أستطيع الحديث إليك كسابق عهدي بك.. هل يا تراني أشعر بالخجل.. ؟
أو أخاف أن لا تعيرني انتباه وحينها سوف أغضبُ منك
أوووه ...أنا لا أريد أن يضيع وقت فراقنا في الغضب .
وأن أقضي زحمة الليل في الحديث عن الأيام الخوالي..
وأتذكر أدق تفاصيل قلبي في قربك..وكيف كنتَ أنا وكل المنى..
عندما أجبر نفسي الآن بأن تتقبلك كغريب عنها
أرضي غرور تجاهلي لك وأمنح نفسي أسباب مقنعه لوضع حواجز بينك وبين جمجمة رأسي .
لذلك لا أراك سوى أشباه طيف لا ضير من بعثرتك من أمامي بفرقعة أصابعي وكأني ألزمك بحدود ماخلف ذهني..
دون أن تكون سبب في إثارة شوشرة في فكري..
فـ العيش في عالم لا ذاكرة فيه كـ ضرباً من الخيال أرحم من مناجاة طيفك..