يولد الحنين حيث تسكن الذكريات، حيث للمكان رائحة أجسادهم، وللزمان نكهة لمساتهم!!!، كيف لمشاعرٍ رتبتها خفقات القلوب أن تختفي؟ وكيف للحنين أن يبيت بارداً كمسكنٍ رحلت الأنفاس عنه، وعشعش للريح فيه هزيز!.
لماذا نحنّ لملامحنا القديمة حين نكون فُراداً؟ وكيف استطاعت الوحدة أن ترتب مشاعرنا وتهذبها؟ كيف نقتات لملامح إنسانيتنا على بقايا صور عالقة بالذاكرة؟!، وكيف لبسمات نسيانها ساعة حضور استحضارها ساعة وجد؟!، ملبوسون نحن بالذكريات، مسكونون بالحنين. على شفير وجع نرتحل دون عودة، وتصبح للماضي قيمة النفيس من الأشياء!، ويحنا كيف يمكن للذكريات أن تصبح أثمن ما نملكه لحتى لأجل لحظات ارتعاش ورجفة عشقٍ ونبضات شعور نقبلُ أنْ نبيع سيرة عمرٍ مضى، فنراهق من جديد؟!، وكأننا نجهلنا ساعة تنادينا مشاعرنا، وكأننا نرسم ملامحنا دون أن نتعرف عليها، حين يقودنا الحنين لوجه بعيد، بعيد، بعيد كان حين نراه يصيبنا بالدوار!.
حين أذكرك رغماً تنغلق ستائر عيناي، وكأنني أخفيك خلفهما خشية أن تهرب، وترتسم ابتسامة كلّ ما فيها يحنّ إليك، يناجيك، يناديك، ويتسول أن تكون بخير!، حين أذكرك أعود طفلة وتصبح ملهمي!، هكذا نحن العاشقات سيدي نحبّ الرمز فيمن نحب، لحتى يكون من نحب الرمز!!.
يصبح لوجهك نكهة الفجيعة، كيف لا وهي التي تحفر في ذكرياتنا ما لن تعالجه السنين!. أنت وجعي وأنت ولهي وأنت الملهم وأنا بين يديك الطفلة.
لماذا أحبك ذكرى وأهرب منك حاضراً؟ ربما لأنك بعيد، وربما لأنك أقرب من حبل الوتين. أخشى منك إن بعدت، وأخشى من اقترابك أكثر!، يا رجلاً كلما ذكرته نسيت نفسي، وكلما نسيته ذكره حاضري، كيف للمشاعر أن تبرد وأنت بركان حين يزور خيالي تنفجر رغباتي، أينفصل الحبّ عن الرغبة؟ معك يصبح للرغبة ملائكية المشاعر، ربما لأنني معك أعرفني، وربما لأنني بحضورك أعشق شيطنتي.