الولد الذي غادر البيت, للأبد .
أنّ غرفتك اصبحت مستودعاُ للأرز والشاي, واستبدلنا الكبت لرصف اكياس السكر , وتجاهلنا صورة صديقك " خلف الباب بكل وقاحة , ليس هذا فقط , لم نعد بحاجة لحشر اسمك في احاديثنا, نسميّ عليك , وندس الدعوات الكثيفه نحو الله , لم نعد بحاجة لمراقبة ساعة الحائط , متى رجعت؟ ماذا ستاكل في المسا؟ وعن ملابسك المتسخة تحت السرير منذً شهرين, نتبادل النظرات انا وابوك في طاولة الطعام بشكل سريّ وحذر , اتحاشى ويتحاشاني ونلتقي على مكان كرسيك المعاتد , امك ايضاً , يفزعني انها لاتعرف تتكلم, يفزعني انها تتحدت ولاتدرك , تحنّ علي وتأتِ , وانا لاأحن عليها , ولاآتِ , ثًم ننسحب للحجر , صامتين وكل منا يحاول ان يقول لأخر .. تصبح على خير .. انا أحس بك - ولانفعل غير دويّ اغلاق باب الغرفة . تجاوزناك, ولم يعد ذلك صعباً, تجاوزناك بخذلان الناس للناس, بخذلان أبليس لأخية آدم, بشراسة دودة الأرض في وجهك - والذيّ لطالما نوهّت عن امتلاكك عينان لوزيتان لاتؤذيان احداً , خائبين , صدقني نحن بفعلنا لك خائبين , كمياة باردة.
جسرنا على انفسنا ان نخوضها ونجذبك من بطش التيار .
ماعدنا بحاجة الفيديو لرؤيتك, واصبحنا نحفظ جيداً ايات معينة, حادثة لعائلة فقدت مثلنا, كالدنتيل, كلامنا خام ويتخلله ثقوباً لاترى بالعين المجردة , تدمّع امك ونخلق فكرة للتنزة بكل بلاهة كالاطفال , نعبر على المطعم الذي تقول عنه دائماً " آخر الدنيا " والان اصبح مكاناً مفضلاً للغثيان , يسوؤني ان أخوك يطل برأسة ويسال عن رغبتي فيما نأكل؟ وانت من كان يعرف مقدار شهيتي بإمتياز! لكنني لاأشترك بهذا, من الواجب عليك ان تعرف انني لم اعترف بفكرة محيك كلياً من الحياة, الله اراد ذلك فله ان يفعل , اما انا لن أميتك بهذه البساطة , هكذا بكل برود انك لم تعد موجوداً؟ .. ثق انني لا اشترك بجريمة كهذة , ابداً . ليس لأن أخلاقي الجيدة , وانني اقوم بدور النبيلة التي تسعى للّم الاسرة تحت شجرة الاترنجّة , ليست هنالك اية اسباب حقيقية, كعادتي لاأعرف ان ابرر لك حاجتي لقلاص ماء , فما بالك ان اتحدث لمسيرة شهرين جهنميّن يارجل؟ شهرين ماستطاع الزمن ان يغير شيئاً كما يدعّون, لازلت امتلك ذاكرة لعينة , ابتداء ًمن بهو بيتنا , يوم الاربعاء الجميل , النسّا والحريم والصغيرات والعباية السودا حول اردافهن المكتزّة , الصراخ والمناديل وتكرار صوت عبد البساط للقران .الرجال ايضاً والجيران الجُدد والشغلات وسيارات اصدقائك تمنع المّارة , بيتنا الذي لم يزره احداً لشهور متواصله , اصبح خانة عارمة لبكاء ذوي القلوب الخائبة, لسنوات طويلة لم نعرف احداً من الناس, كسبناهم من بعد ذلك فرداً فردا و- خسرناك .
بارك الله بالإيمان , كان اخف علينا من مقولة " انك لم تعد تُهمنا - ونحبك - واسمك الذي نزع من كرت العائلة - وانك اصبحت من الذين اذا ذكروا سهواً تداركنا خيبتنا : رحمة الله عليه كان رجلاً خلاّقا ويحب عصير التفاح "