:
المأزق من الكتابة, كيف ستبدو النهاية غالباً؟
ولأنني لستُ من أنصار النهايات الواضحة دائماً.. جائت نهايتك الصريحة حُزني, على موتك, وفجيعة الإربعاء بإنسحابك كلياً من العالم, من الخارطة بالنسبة لنقطةٍ مثليّ .
لاأعرف بالظبط كيف أقول كلاماً منطقياً حيال ماحدث, أعلم فقط أن فكرة " نومك بالتراب" تسيطر عليّ بشكل ملحّ, ومؤذيّ . وجهك هذا .. الذي قضينا ساعات متوالية أنا وأنت ( نظبط الدقّن) بحرفية تفوق أمهر حلاقيّن الحيّ, لمرات متعدده كنتُ تضيف قائلاً : لوتفكرين في كشك حلاقّة والزبايّن عليّ من هالهمج ربعيّ كان والله تكسبين ذهب " تعطينيّ جوي حتى أكمل لك الحلاقة بالتمام - نعلق على الشيء البسيط في عرض التلفاز ثُم كل ٍ منا يذهب لحال سبيله, هكذا ببساطة كنت معيّ! أكلك أكليّ, مرضك الطفيف يقلب مزاجيتي180 , غيابك المتكرر ليلاً يجعلني قلقة وقليلة الخروج من الغرفة , لكنك : حيّ في كل هذا .
مايخيفني الآن أن المشاهد كلها سوف تتكرر بصورة يومية بلا جدوى أنك ستدخل من باب البيت الخارجي وتخبرني عن الاعذار الطويلة والملفقة لتأخيرك المعتاد عن حاجياتيّ!.
من المؤكد أن ذكر الأشيّا العدم تؤدي إلى عدم, إلى شيء معدوم يقودك إلى : اللاشيء, فما بالك أن تأسف باللوم على عدم قادك الى وجود مؤقت ومخادع؟ لاأذكر أننا اخترعنا فكرة هائلة عن الحياة كيّ نعيش, كنّا نضحك على السخيف والمعتاد والبسيط, مجرد كريكيتر في عامود الجريدة يغرقنا ضحكاً ليوم ٍكامل, صورة تصميم معدلة في جهازك البلاك , أغنية ابو نورة في حضن الشارع المجاور , حكاية مطولة عن بطش الأستاذة, أو نكتة محشش قد تخلق جواُ من الألفة بيننا بلا مشقة .
لطالما أعتقدت أننا نعيش بمعزل ٍعن كرم المصائب , بساطة الفكرة فيما نقول, شماغك المبهذل على الكتف, ورقة صوتك مع الأطفال, (تريقتك الدايمه) على كتبي المشبُوهه , نثرة دروسك في المقعد الخلفي للسيارة, سيارتك التي جمعتنا سوياً لسنوات طويلة وللحظات حميّميه , كانت الرابحة في تطعّم دمك آواخر اللحظات .
يروق ليّ أنني دائماً( ولازلت) أختك الوحيّدة, .. لعلم ٍلاأعلمه كنت أيضاً أنت إخييّ, وأختي في آن واحد, (إناء واحد) يحتوي بصورة تفوق المعتاد من الإخوة - تكوين هذة البنت السيئة المعشر غالب الأوقات , لمرات كثيرة أغلقت الهاتف بوجهك, ولمرات أكثر فشيّت خلقي بقساوة حيال مايحدث لي من مشكلات , حتى البكاء.. خلقته فقط لأحتال على هذا الولد الذي يتماثل امامي بالرجولة السابق اوانها للموقف .
الكثير من المشاهد تنحشر بدائره متسعة فوق رأسي, أبحث عن مناسبة واحدة ولاأستطيع ذكرها.. يفزعني عقوق الذكريات, يفزعني أن 22 سنة تمر أمامي الان بشريط سينمائي سريع وامض - ويحتاج فقط لـ(ستوب) قويّ وفعال لئلا ينتهي فجأة وبلا سابق إنذار كما صار معيّ .
: أين الولد الذي يخبرني عن رجولتة؟ الولد الذي يحكي لي حكايته مع المخيم في عطلة الأسبوع, الولد الذي مضينا طريق الرياض - الشرقية 1/2 ساعه تماماً, الولد الذي يأكل وهو يتحدث ويجري مكالمة ويفتح الباب, الولد الذي أحبنيّ كما لو لم يكن لي أحد , الولد الذي دافع عني أمام الأخرين, غادر غرفتي أخر الليل وهو يقسم على الضحكة طوال العمر, الولد الذي لفترات طويلة تشاجر معيّ حاضناً صدري- وهو غاضب . أنه الولد الذي يكذب عليّ وأًصدقه .. غادر البيت للأبد .
أريد من الحياة تبريراُ لما حدث؟ أريد هدوء ً ممتداً حيال هذا الفراغ الضَجّر, لاأدري لكنني أريد لو لمرة واحدة معجزه فعلية وأعود لسابق عهديّ من الحسنات العظِّام .
أريد تفكيراً غير هذا الي يحوم فوق رأسي .. لم يعد بيدي سوى أنني أفكر بحاجات أسخف من تكون,.. وقت نومي ومقدار القهوه في الكوب الجديد وفكرة طارئة عن اغلاق هاتفي وحذف حسابي في الفيس بوك .
قدرة التحمل لردّات الأفعال القادمة أًصبحت فكرة مؤجلة وميؤوسه , كل ماتذكرت أن الخبر هبط عليّ, وأن صلاة العصر(الصلاة عليك).. وأن آخر ماتذكرته من الدنيا إسمي والشهادة, وأن التراب على وجهك.. وجسمك الان(بظرف إسبوع)تحلل مع العظام, والعودة للبيت محال محال.
أذهب لطريق ٍأخر لايعود عليّ بالحسرة والندم , حتى أكتشف أخيراً أنني عدتُ إلى سريرك.. ثوبك .. مفاتيحك, ولاب توبك في وضع التشغيل حد الان.
لك ان تتصور للمره الألف اطلب رقم هاتفك ولاأمّل , أخر مكالمه متلقاه منك كانت 9:00 ص ولازلت أفتش عن أخر الرسائل الواردة بكل رتابة .
يوم الاربعاء , اليوم الذيّ لأول مرة أصررّت فيها بلا مبرر للذهاب معك للجامعة - مرحباُ بدورك بهذه المبادرة الطارئة , والتي لساعتي هذه أحاول أن أتذكر أننا تحدثنا عن غير المعتاد أو أن حدثاً وشكياً سيكون أو - عن أيّ دلالة من الله مسبقة! والحصيلة في كل هذا انني ودعتّك مع آخر يوم من الترم بلا سابق نبؤه .
لاأستطيع وصف مقدار السيء من الحياة وهي تضعني بعد ساعات في مجابهة هذا الكم الهائل من المغادرة والتي - لاأسفاً- كانت من أندر وأسوء اللحظات دهشة وخباثة .
تعال..
ليس لأن تعيش طويلاً ..
تعال فقط لأخبرك بحب الله والدنيا والناس وأمّك وذويّك - عدا هذه البنت (دلوعتّك*) لم تذرف دمعة من الحزن عليـك .
5-1-2011 *