.
.
تألمَتْ غريبة،وماتت غريبة ،وحيدة بعد أن أسعدت ملايين القلوب ها هي " رباب" تغادر الدنيا وتدفع فاتورة أخرى من فواتير السياسة ودهاليزها، تمنّت أن تكون في العراق، وأن تمر بالكويت فقط لتزور " خيطان" وما تسنى لها ذلك،كانت كلمة القدر أسبق،هي الرحمة الإلهية التي انتشلتها من بركان المعاناة ،والانهزام النفسي الذي كانت تعيش فيه حامدة شاكرة ماهي فيه من نعم،وسائلة كل الذين يحبون رباب أن يدعو لها.
آخر طلب طلبته رباب منذ أيام كان منزلا يأويها، ويرحمها من نار الإيجارات، وأن يتسنى لها ولو لمرة واحدة في العمر أن تدخل الكويت التي لها فيها أحبة كثر لأنها تعشق تراب الكويت، الوطن الذي احتضنها بعد العراق،وقبل الغزو الذي لم يمكن لها يد فيه أسوة بكل المبدعين الذين لفظتهم أوطانهم خارج أراضيها.
رباب بعد خروجها من الكويت تعرضت لانهزامات، وهزات صحية عنيفة،احتضنتها الامارات التي عاشت فيها حتى مساء هذا اليوم حيث أذن الرحيل عند الساعة التاسعة من مساء الثاني من يوليو،عانت كثيرا من سطوة النكران والجحود، وعتبت كثيرا على روتانا التي لم تحترم صوت وتاريخ رباب فتعاملت معها بشكل غير متوقع،رباب تعرضت لصدمات نفسية عنيفة لكن أكثرها قسوة هو ذاك الشعور بالعجز أمام البحث عن هوية تعيد إليها اعتبارها، وهل من شئ أقوى على الإنسان من امتهان كرامته،ووجوده.
اليوم غادرت صاحبة الصوت الرخيم التي أسعدت الملايين من القلوب من المحيط إلى الخليج ،نسأل الله تعالى لها الرحمة والغفران، وأن يتجاوز عن سيئاتها وهفواتها فكل ابن آدم خطّاء،رحلت رباب ضحية للأنظمة العربية ،ولعبة السياسة، لم يشفع لها صوت أوبكاء،جاءت غريبة ورحلت غريبة،حتى في موتها من سيقف معزيا،أو متقبلا لعزاء، كل الذين تحبهم تركوها وحيدة، حزينة، مكسورة، وحزنها عميق.
لله ما أتعس الإنسان.
ويا الله كم هو مؤلم أن يرحل العطاء وحيدا ، غريبا ، هكذا رحلت رباب وحيدة ،وغريبة، ومايزال صوتها، وحشرجة ضحكتها ترن في مسمعي شاكرة " حبيبة قلبي عندما أكون في العين سأزوركم ،أتشرف بالتعرف إليكم عن قُرب".
كانت عفوية وصادقة، ترفض الزيف والخداع، كلمتها واضحة، وصرختها أنين يشق الصدر فيفتق آهاته، رحمة الله عليها.
ووداعا يا صوت الخليج الآسر
وفي القلب غصة عميقة..
لله ما أرخص الإنسان