_9_
"سأل هاتوي قومه وقال:هل تعلمون لماذا يفعلون ذلك؟ ,قالوا:انّهم يفعلون ذلك من أجل ربّهم الذي يعبدونه ويقدّسونه انهم يريدوننا أن نؤمن به ولهذا يقتلوننا,وكان هاتوي يملك سلّة مليئة بالذهب وقال وهو مبتسم :هذا هوو ربّ المسيحيين!"*
*من كتاب بارتلوميو دي لاس كازاس (مذابح الهنود الحمر)
غادر روبرتو هسبانيولا(ساندومنغو) أخيرا بعد أن ضاق ذرعا منها ومن قسوة قومه هناك لم يكن يعرف بأنّ هذه الجزيرة كانت عامرة بالهنود وكانت بها عدّة دويلات مستقرّة وسعيدة لأنّه لم يجد إلا قلّة منهم لم يدر في ذهنه أنّ أغلب سكّان تلك الجزيرة أبيدوا بوحشيّة بدت القسوة كشيءٍ عارض ولم يعتقد بأنّها ستكون عادة للاسبان هناك مورست لأكثر من 100 سنة!, تُرى مالذي جعل الاسبان يقتلون ويفعلون مايفعلون هل هو الرب؟ واختلاف وجهات النظر من الناحية الإيمانيّة هل من الممكن أن تصل القسوة لهذا الحدّ فقط لمجرّد اختلاف الآلهة؟! لا طبعا لم يكن الربّ هو السبب كما يزعمون فقد كان الذهب وحده لطالما كان طريق الدين والايمان للدخول في قلوب البشر بالتي هي أحسن لكنّه بهذه الحالة لم يكن كذلك كان الذهب وراء كلّ تلك الجرائم التي حصلت والمجازر والتي فاقت مافعله التتار بآسيا كلّها الذهب والطمع والحكم كلّ ذلك كان تحت غطاء الدين وهذا ماجعل بارتولوميو يؤلّف كتابه , بالغوا الاسبان في كلّ مافعلوه بالرغم من أنّهم لقوا المعاملة الحسنة والطيّبة الكريمة من الهنود ولطالما استضاف الهنود المساكين الاسبان كمبشّرين لكنّهم ماإن يستيقضوا إلا ويجدوا سيوفهم تنهال على رقابهم وعلى أطفالهم وهم يسلبون مالهم ويرحلون وقبل الرحيل يحرقون بيوتهم ! أيّ طيبة كانت مسلّطة على هؤلاء الهنود! قد تكون الطيبة نقمة بل جريمة لاتغتفر وحماقة كبرى يدفع مرتكبها حياته ثمنا لها
كان البحر هادئا عندما وصلوا إلى القارة الجديدة عندها رسوا عند منطقة كانت بها مستعمرة بسيطة شاهد روبرتو مالم يرجوه يوما شاهد بضع هنود يغوصون وعند صعودهم يأتون وهم محمّلين باللؤلؤ كان أحد الهنود هزيلا ولم يكن يقوى على الغوص أشفق روبرتو عليه وبعد برهة شاهد الرجل الاسبانيّ الذي وقف في عوّامة و يحمل السوط والرمح معه وهو يغرس الرمح في عنقه! لأنّه لم يحصل على مايشفع له من اللؤلؤ! , أصيب روبرتو بالغثيان وتفطّرت كبده سكّان البلاد الأصليين باتوا عبيدا بكلّ بساطة صرخ روبرتو :
" حلّت عليك لعنة الربّ, ماأنت فاعل"
التفت إليه زميله خوان وقال له:
" ماذا دهاك دع الرجل وشأنه ولاتسبّب المشاكل لنفسك"
فقال روبرتو:
" وكيف ذاك؟ وماذا تسمّي مايقوم به تبشيرا أو دعوة لمجد المسيح؟"
خوان:
" هنالك أمورٌ لاينبغي أن تقال وأن تُبدى أتيت إلى العالم الجديد ولازلت في بدايتك دع الأيّام تحكم وامنح عمرك فرصة أكثر ليكتمل أكثر عندها يمكن أن تفعل أشياء أكثر"
ابتعد روبرتو وهو يكتم غصّة في قلبه ويكاد يبكي من فرط مارأى الشاب الذي نشأ وهو يتعلّم اللاهوت والدين والرحمة والإنسانيّة فُجع عندما رآى أبشع الجرائم ترتكب بسم كلّ ذلك !