الـ آه ونص ، عالية الدقّة !
هي كذلك عندما تكون مَجبُوراً ذاتَ مرّة أن تُنْصِت لها عُنوةً دون قصْد وهي " تُلعْلع " داخل بنَايةٍ إسْلاميةٍ يُصلّى فيها للمَوْلى جلّ في عُلاه ، ولنا أن تخيّل وقْعُ صوت نانسي بالآه ونص أو إليسّا بقولها المحبوب "مابعرفش ليه" بينما نستمع للسّبعِ المثانْ حين تُقرأ خاشِعة وقبل أنْ يَنْطلق رنِين محمولِ أحَدِهم مُعلناً المُقَاطعة ودون إنتظار الإذْن لذلك .
حسناً ، هو الآن بالطبعِ يَنتظر أن يفْرغ من صَلاتِه ليُطلق قَدميه مُسرعاً نحْو أقْرب مَخْرجٍ للفرار من هذه الضائقة ظناً منْه بأنّ الجَميعَ سيلتِفت إليه مُباشرةً بعد إنتهاء الفريضة بحثاً عن شخصٍ نسيَ أن يُغلق المحمول .
بينما هم في الحقيقة يَبحثون عن شخصٍ قد لايتجاوز عمره الـ 15 عاماً سيُحاوِلون بِلا شكّ نُصْحَهُ والتّغيير من طَريقة فكْرهِ وتوجيه قناعاته التوجيه الصحيح بمُخاطبةِ باطن عَقْله الإيجابيْ
ولا تولد الكارثةُ إلا بَعد تحيّة السّلام عندما يتّضح تمَاماً بأنّ صَاحِب ذاك المَحْمول شخص تجَاوز عُمْره الثلاثونْ ولا يظْهر إلا غاضِباً من إتصالٍ جَاء في غير حِينه وكأنّ العَالمُ بأسرِهِ يُؤدي الفريضَة في توقيتٍ ثَابتٍ على حدٍ سواءْ متجاهلاً المعزوفة التي تسلّلت من أطرافِ المكعّبِ الصغيرْ
كان هذا مُجرّد موقف مُتكرر ومُعتاد في أزماننا الحُبلى بالمُفاجآت ومِثلها يَتعدّد مَع إختلافِ الأمْكنةِ في بُعْدِها عن خطِ الإستواءْ .
كم هو جَمِيل أن تجتمع في يومٍ ما وبمناسبةٍ ما ، بحشدٍ متفرّق لتجد نفسك تستمع بتلقائيةٍ مُفرطة وبإنسجامٍ تام لصوت - العفاسي أو المعيقلي وغيرهم - وهو ينطلق من محمول طفلٍ لم يتجاوز عمره العاشرة فترمي بلسانك لاشعوريّاً " تعال يابابا " ومن ثم تتوالى الأسئلة إعجاباً بعقل الطفل لافضولاً كمَا كلُ مرةٍ نفْعل !
فَمِن الطبيعيّ جِداً أن تَجِد كلّ الأعْين تَتقاذفُ ساخرةً مِنا في حَال احْتوت نغَمَاتنا على ألحَانِ هيْفاء وهبي في إجتماعٍ أسري على سبيل الفرضيّة
ومن الطبيعي جداً أن تجد علامات الإعجاب والإحترام والتقدير واضحة تماماً على أعْين الحاضرين في حين انطلقت آية أو نشيدٍ إسلامي أو نغمة محمولٍ إفتراضيّة لأنها بشكلٍ أو بآخر ستُعبّر عن مدَى الوعْي والنّضج فينا
وبالتالي حتماً علينا طرح الأسئلة منّا ولنا ، كم منّا سيسعى لتغيير مبدأ " أنا أؤمن بقناعاتي وإن كانت على خطأ " وكم منا سيؤمن تماماً بأن لهكذا أمور علاقة قويّة في الحُكم عَلى رقيّ الفكْر وسموّه .
فالأمر لايتعلق فقط بكونها مُحرمة في أماكن معينة وحسْب ، ولنا أن نتخيل ذلك في أماكن العمل كونها أماكن عامة قد يُباح فيها المحظور
وسنلحظ أيضاً بأن شبيه الآه ونص تجعلنا نغتاض كثيراً من صاحبها وقد نُشير إليه بالإنحلال الفكري الذي يجعل من الأربعينيّ يحمل أقل من العشرينيّ وعْياً وحكمة
والمُحزن فعلاً أن البعض لايكترث بمدى أهمية هذا الأمر ويرى أنه مُبالغاً فيه إلى أن يُبادر بتنفيذه فيشعر بالفرق !
أظننا لانحتاج إلا لتَجرُبة عَميقة لنؤكّد صِحّة النظريّة وحينها لن يَهتمّ كثيراً ذاك الشّخص الذي كان ساهياً عن إغلاق محموله عند دخوله لحرمٍ إفتراضيّ
لأنه وبكل بساطة لن يتسببّ إلا في إزعاجٍ بَسيط لن يُفقد المأموم متابعة إمامه ،
وبالتالي لن يُسببّ لنا حرجاً ذات إجتماع في ظل وجود أهل الحكمة والمنطقْ والذين يكون حكمهم علينا بمثابة تأييدٍ وإثباتْ .