معروف الرَّصافيّْ : شاعر من العراق تخيَّل امرأةً أو ربما شاهد امرأةً لعبت بها الأيام وأرهقها الدهر فوق موت بعلها ماتت أحلامها , وتركها مع تلك الرضيعةِ الصغيرةِ التي لم يبقى منها إلا الاسبال البالية كعباءة أمِّها التي تمزقت أطرافها حتى صبغةِ يد الزمان بعض جنبيها
هذه فكرةُ القصيدة
كنت في سنِّ المراهقةِ لا أعرف من المرأة التي يصفها الشاعر إلا تلك الصورةُ لعباءتها المتمزِّقةِ الأطراف , صورةٌ أجـــد فيها بعضَ ملامح الفتنةِ وإن كانت صاحبتها منشغلةً عن الفتنةِ بلقمةِ العيش التي جعلت منها تقلِّب وجهها في كلِّ الأوجه العابرةِ في الطريق تستجدي عطفها !!
ـــــــــــــــــــــــــــــ
كَرُّ الجَدِيدَيْنِ قَدْ أَبْلَى عَبَاءَتَهَـا
............................فَانْشَقَّ أَسْفَلُهَا وَانْشَقَّ أَعْلاَهَـا
وَمَزَّقَ الدَّهْرُ ، وَيْلَ الدَّهْرِ، مِئْزَرَهَا
................................ حَتَّى بَدَا مِنْ شُقُوقِ الثَّوْبِ جَنْبَاهَـا
تَمْشِي بِأَطْمَارِهَا وَالبَرْدُ يَلْسَعُهَـا
.................................... كَأَنَّهُ عَقْرَبٌ شَالَـتْ زُبَانَاهَـا
حَتَّى غَدَا جِسْمُهَا بِالبَرْدِ مُرْتَجِفَاً
............................. كَالغُصْنِ في الرِّيحِ وَاصْطَكَّتْ ثَنَايَاهَا
تَمْشِي وَتَحْمِلُ بِاليُسْرَى وَلِيدَتَهَا
.................................حَمْلاً عَلَى الصَّدْرِ مَدْعُومَاً بِيُمْنَاهَـا
ـــــــــــــــــــــــــــ
بصورةٍ غير مقصودةٍ منك أيها الرَّ صافي وجدتُ بعض ملامح الإغراء والتي كنت أرسمها لتلك المرأةِ التي بدتْ عباءتها ممزقةَ الأطراف / لست أدري كيف كنت أرسم صورةً لملامح الإغراء فيها .
كانت الصورةُ مبعثرةً هنا وهناك وكنت ألمم أطرافها في مرحلةٍ لا يسمح لي عقلي فيها أن أعرف منابت الفتنةِ في المرأة !
إلى أن طلبت مني ( أمي ) ذات يومٍ أن أذهب إلى عمارةِ ( ........ ) ومع أنني أعيش في الرياض ما يقارب ربع قرن !! لم أدلف إلى ذلك السوق أو ما يجاوره أورما ذلك الشارع بأكمله في حياتي إلا في القليل النادر // وربما كان لأعرابيتي دورٌ كبيرٌ في ذلك .
المهم أنني دخلتُ إلى السوقِ برفقةِ أحد أقاربي الذي يعرف تلك الأماكن جيداً // كان هناك غرضٌ يقال أنَّه لا يوجد إلا في ذلك المكان ولأننا لا نعرف إلا اسم الشركةِ التي تبيعه فقد أخذنا نتجول بحثاً عنه !
وهناك // وفي الباحةِ الواسعةِ لذلك السوق رأيت تفاسير الرُّصافي وتناهيته وملامح مدرسي واضحةً جليَّةً !!
العباءةُ الممزقةُ الأطراف // وكأنَّها ( سفايف ذلول ) كما يقول جدي !!
كانت أول تفاسير الطلاسم التي لم يستطع معلمي أن يتعمَّق في تعليلها تتضح في أول مشهد : رجل يسير خلفَ امرأةٍ مكتنزةِ الطول ممتلئةِ الجسم , يحملُ طفلةً بعمر تلك الطفلةِ التي كانت أرملةُ الرُّ صافيِّ تحملها .. وبكل الصفات التي كانت أبيات الر صافي تتحرَّك بها !!
أمَّا العباءةُ الممزقةُ أو ( المشرشحةُ ) فقد كانت تستر بقايا الحياء في تلك التي تتدحرجُ أمام عينيه وهو ينظرُ إليها مطرقاً أذنيه لكل أوامرها التي لا تصدر إلا عندما يجب الدفع عند أحد الباعةِ الذين يتغامزون عندما تمرُّ بجوارهم !!
رحمك الله أيها الر صافي لقد كنت تصوِّرُ تلك الأرملةَ التي مات زوجها
أما أنا فسأسرق فكرتك التي ربما أتى بها إليَّ عقلك الباطن لأصوِّر الأرملَ الذي ماتت منه آخر ذرةٍ للحياء !
كانت أرملتك محتاجةً // أما أرملُنــا // فهو مجتاحٌ // أيهما الأحقُّ بالشفقةِ ؟!
اللهم استر على عوراتنا وعورت المسلمين يارب العالمين