غضبنا دليل وعينا بقلم ندى يزوغ
ترفض دواخلنا أحيانا أن تتقبل فكرة تراها خاطئة، إذ تتبنى الأسطورة و تقصي العقل فما يكون رد فعلنا سوى محاولة إخراس تلك الحقيقة، لأنها صوت الحق و العقل و المنطق، أنذاك ننفعل غاضبين فنغذو أكثر وعيا و أقرب للصواب ..
صراعات داخلية تتقاذفنا آراؤها و أفكارها، فنلوي منها هاربين، نعم نأبق من أنفسنا أولا، كأننا نحس بخذلان ما تربينا عليه، و لا نستطيع تغيير ثوب ما تعودناه، و لا نعرف إن كان عرفا أو عادة أو تقليدا أو حقيقة ساطعة ، المهم أنه يكون كثور أهوج و أشد مراسا و أكثر خبرة في الإقناع و التأثير ..
تعقبنا الأفكار النيرة الساطعة و التي تصيح أنها الأولى بالتبني، لأنها باختصار هي الحقيقة المثلى..
لكن الحقيقة تظل نسبية و أنا مع من يؤمن بمبدإ : استفت قلبك، شاوره ، أعطه فرصة التعبير عن ذاته دون محاولة لإقصاء معطياته، وسائله و طرائق الوصول للذي يريد أن يقنع به عقولنا ..
إن كل ما شحنت به عقلك فهو حتما مطبقه ، و سيترجمه على أرضية الواقع ، حتى لو قاد إلى ساحة الزلل..
الحقيقة تلازمنا و لا ننفك من قبضتها، لن تتركنا حتى نذعن لها و نعترف بها و بمصداقيتها، غالبا ما تكون متناقضة مع نعتقده مصلحتنا..
هي ضد المتعارف عليه، إذ غالبا ما نعطي للمجتمع حصة الأسد أثناء تدخله في حياتنا، فهو من يرتب أحلامنا و أهدافنا، بل يشرف كذلك على تنظيم حاضرنا المزيف غير القادر على رفض ما ينبغي رفضه و التمرد عليه ..
لا نعترف حتى أمام أنفسنا أن ثمة هوة بين ما نعيشه و ما بين ما نود أن نعيشه..
الذات و الأهواء و الإغراءات تستصرخ بداخلك لتقنعك أنها الجديرة بالتبني، و أنها الدين الذي يجب عليك اتباعه ..فينطق اليقين أن الرجوع للحق فضيلة و أن الحياة متاع الغرور و أن الاعتدال و الوسطية هي عقارب ساعات السعادة، و أن صولجان الأمان و الاطمئنان لن يتحقق إلا باليقين بالله ، لأن كل من عليها فان و يبقى وجه ربك ذو الجلال و الإكرام ..
ما المبتغى؟ و ما الهدف من الوجود؟ حتما : أن تكون سعيدا.. راضية أعماقك عن أعمالك و عن نياتك و عن ردود أفعالك و عن أدب معاملاتك مع الناس..
يأتيك اليقين عندما تهجع رغبة الغلو لديك في كل شيء تهواه نفسك، من استمتاع أو استعلاء أو تقصير..
لا يجب ان نترك بركان اليقين بدواخلنا يهمد، بل علينا ان نقرع جرس الفوز به، باستقامته و بأحقيته أن يكون دينا يتبع، لا لشيء إلا لكي نكون نحن لا غير ، و أن نبتعد ما أمكن عن النفاق و التصنع و استجلاب المحيطين بنا بتبنينا ما لا نعتقده ..فنحن علينا أن لا نتبع سوى سبيل ما يوصل إلى النور القابع فينا..