.
[ حسين البرغوثي _ فلسطين ]
في الثمانينيات كانت الخرائط مفروزة في منظمة تحرير وإلى احتلال على سبيل المثال، وإلى أجهزة تابعة لكليهما، بعد أوسلو وانهيار الاتحاد السوفييتي والمتغيرات التي حدثت على الساحة العالمية والمحلية والعربية، أعيدت صياغة الأمكنة الذهنية، إضافة إلى نظام الأشياء، هذا كان يعني النظر إلى الخارطة الجديدة بمفاهيم جديدة، تسمح بقراءة أدق وأسلم وأكثر مغامرة، إن جاز التعبير، من القراءات السابقة، على سبيل المثال، لم تعد كلمة (يسار) تعني ما كانت تعنيه، كذلك كلمة (سلطة)، لم تعد العلاقة بين الأشياء والكلمات واضحة، كان يجب تقديم مفاهيم جديدة للتعامل مع هذه المرحلة، أحد المفكرين السود ويدعى (كورنل وست) كتب مقالة سمّاها "المثقف النبوي" الذي يضع أمام المثقفين السود "ثقافة الأقلية" لا يوجد أمامهم إلاّ أربعة حلول لمواجهة السلطة:
أولاً: أن يندمج المثقف مع التيار السائد، وهذا يقود إلى نتائج على إبداعه ورؤياه.
وثانياً: أن ينعزل عزلة مطبقة، وهذا له نتائج على إبداعه، وهذا الخيار أحيانا ينتج عظماء، وأحيانا ينتج دمارا.
أما الثالث: فأن تكون موجودا خارج التيار السائد وأن تطمح أن تكون داخله ولهذا الموقف نتائج أيضا.
ويفضل (وست) الخيار الرابع: وهو أن تحتفظ بأسس رؤياك وجذورها وأن تتعامل مع أفضل ما يمكن أن يكون سائدا، وهذا يعني المحافظة على استقلالية الرؤية، وأعتقد أن الخيار الرابع هو خياري.