الشاعر زايد الشليمي
سأعود بك الى الوراء ستين عاماً من البهجة إلى حيث إنسان من غابر الأزمان.. حظه السعيد قد أطال الغياب، وبـ.. رث الثياب.. يستر وجعه المقروء على وجهه، وتحت جبينه.. هويته ما زالت تعاني الفقد. لا خد له ولا قد، وأحداقه تعاني خوراً وقد اتسعت من العناء.
ملء العين.. عينه.. ترى الشموع وتبكي بلا دموع، يسعى.. ينشد الرزق، وقد تملكه اليأس، ويجوب الأرض بمعطفٍ (مبلول)، ويمشي في المطر.. وباله المشغول، لأنه قيماً لخمسين امرأة، وهو الذي لا يملك سوى فتات خبز، وقِربَة مثقوبة استطاع أن يجعلها تنضح عسلاً فقط بالكلام.. وبالكلام تمكَّن من سرقة لب الأنام، فيقول: أنا المجنون بعزف الكمال، أنا المفتون بتذوق الجمال، ثم يكذب تارة فيقول: أنا الوجدان.. أنا سر اللمعان، وأنا القارب المكسو بالهذيان. ثم يُصَدق نفسه فيقول: أنا النجاة لا ولا خذلان، والحقيقة في غير الذي يدعي.
:
أما أنت يا صديق الحرف.. وجار الكلمة.. وزميل الذائقة.. لك كل أمثالي من الصعاليك المبدعين، أولئك الذين توقفت في دوائرهم عقارب الوقت، وقد أحياهم الله بعد الموت.. بكلمة تعيد على مسامع الأشقياء.. سيرتهم حين كانوا أحياء، فاصنع بهم ما شئت.. أما بعد..
شكراً لمرورك السخي من هنا، وعفواً للصعاليك.