اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة رشا عَرّابي
حُيّيت أيّها الفارس الهاشميّ وحيّاك ربي
سلمان ملوح
من مُنطَلَق " وخيرُ جَليسٍ في الزمان كِتابُ "
حينَ تَرومُ هدأة بِـ رفقَة كِتاب
فَأيُّ الكُتُب حينَها خَيرُ جَليسٍ لِـ خَير انتِقاء... ؟
حبّذا لو أتيتَنا بِـ عنوان أو اثنين
|
رشا , إنّ من أطيب أوقاتي وأثمن ساعاتي وأنعم لحظاتي هي تلك التي أقضيها في رحلة افتراضية , متجاوزاً حدود الزمكانية ! منطلقاً من مطار كتبي المبعثرة المحيطة بي ... ممتطياً صهوة البراق ... إلى حيث يطيب لي السفر من أعصار الأدب !
فأجدني في شبه الجزيرة العربية زمن الجاهلية ! وأرى عروة بن الورد وهو يغزو الموسرين ويأخذ منهم ويعود به على المعوزين وينشد :
إني امرؤٌ عانى إنائي شركة.. و انت امـرؤ عانى إنائك واحـد
أتهزأ مني أن سمنتَ وأن ترى .. بجسمي شحوب الحق،والحق جاهد
أفرّقُ جسمي في جسوم كـثـيرة .. وأحسُو قراح الماء،والماء بارد
ثم أرى ابن شداد وهو يشُد على الكتيبة بالأدهم ويقول :
في حَوْمَةِ الحَرْبِ التي لا تَشْتَكِـي غَمَـرَاتِها الأَبْطَالُ غَيْرَ تَغَمْغُـمِ
إِذْ يَتَّقُـونَ بـيَ الأَسِنَّةَ لم أَخِـمْ عَنْـها ولَكنِّي تَضَايَقَ مُقْدَمـي
لـمَّا رَأيْتُ القَوْمَ أقْبَلَ جَمْعُهُـمْ يَتَـذَامَرُونَ كَرَرْتُ غَيْرَ مُذَمَّـمِ
يَدْعُـونَ عَنْتَرَ والرِّماحُ كأَنَّهـا أشْطَـانُ بِئْـرٍ في لَبانِ الأَدْهَـمِ
مازِلْـتُ أَرْمِيهُـمْ بِثُغْرَةِ نَحْـرِهِ ولِبـانِهِ حَتَّـى تَسَـرْبَلَ بِالـدَّمِ
فَـازْوَرَّ مِنْ وَقْـعِ القَنا بِلِبانِـهِ وشَـكَا إِلَىَّ بِعَبْـرَةٍ وَتَحَمْحُـمِ
لو كانَ يَدْرِي مَا المُحاوَرَةُ اشْتَكَى وَلَـكانَ لو عَلِمْ الكَلامَ مُكَلِّمِـي
ولقَـدْ شَفَى نَفْسي وَأَذهَبَ سُقْمَهَـا قِيْلُ الفَـوارِسِ وَيْكَ عَنْتَرَ أَقْـدِمِ
والخَيـلُ تَقْتَحِمُ الخَبَارَ عَوَابِسـاً مِن بَيْنَ شَيْظَمَـةٍ وَآخَرَ شَيْظَـمِ
ذُللٌ رِكَابِي حَيْثُ شِئْتُ مُشَايعِي لُـبِّي وأَحْفِـزُهُ بِأَمْـرٍ مُبْـرَمِ
ثم أرى امرأ القيس وهو ينازع الرمق الأخيرويقول مخاطبا قبرا
أجارتنا إنّ المزار قريبُ , وإني مقيم ما أقام عسيبُ
أجارتنا إنّا غريبان ههنا , وكل غريب للغريب نسيبُ
ثم أنطلق فأرى الفرزدق وقد أضاف ذئباً وهو ينشد :
وَأطْلَسَ عَسّالٍ، وَما كانَ صَاحباً، دَعَوْتُ بِنَارِي مَوْهِناً فَأتَاني
فَلَمّا دَنَا قُلتُ: ادْنُ دونَكَ، إنّني وَإيّاكَ في زَادِي لمُشْتَرِكَانِ
فَبِتُّ أسَوّي الزّادَ بَيْني وبَيْنَهُ، على ضَوْءِ نَارٍ، مَرّةً، وَدُخَانِ
فَقُلْتُ لَهُ لمّا تَكَشّرَ ضَاحِكاً وَقَائِمُ سَيْفي مِنْ يَدِي بمَكَانِ
تَعَشّ فَإنْ وَاثَقْتَني لا تَخُونُني، نَكُنْ مثلَ مَنْ يا ذئبُ يَصْطَحبانِ
وَأنتَ امرُؤٌ، يا ذِئبُ، وَالغَدْ رُ كُنتُما أُخَيّيْنِ، كَانَا أُرْضِعَا بِلِبَانِ
وَلَوْ غَيْرَنا نَبّهَت تَلتَمِسُ القِرَى أتَاكَ بِسَهْمٍ أوْ شَبَاةِ سِنَانِ
ثم أنطلق فأرى جريراً يُنشد بصوته الرخيم
بَانَ الخَليطُ، وَلَوْ طُوِّعْتُ ما بَانَا، وقطعوا منْ حبالِ الوصلِ أقرانا
حَيِّ المَنَازِلَ إذْ لا نَبْتَغي بَدَلاً بِالدارِ داراً، وَلا الجِيرَانِ جِيرَانَا
قَدْ كنْتُ في أثَرِ الأظْعانِ ذا طَرَبٍ مروعاً منْ حذارِ البينِ محزانا
يا ربَّ مكتئبٍ لوْ قدْ نعيتُ لهُ بَاكٍ، وآخَرَ مَسْرُورٍ بِمَنْعَانَا
لوْ تعلمينَ الذي نلقى أويتِ لنا أوْ تَسْمَعِينَ إلى ذي العرْشِ شكوَانَا
فأقول سبحان الله , صدق الذي قال ( الفرزدق يكسر من صخر , وجرير يغرف من بحر )
ثم أنطلق ببراقي فأجدني في بغداد , وأرى بشارا ينشد رائعته
جَـفا وِدُّهُ فَـاِزوَرَّ أَو مَـلَّ صاحِبُه * وَأَزرى بِــهِ أَن لا يَـزالَ يُـعاتِبُه
خَـليلَيَّ لا تَـستَنكِرا لَوعَةَ الهَوى * وَلا سَـلوَةَ المَحزونِ شَطَّت حَبَاِئبُه
شَـفى الـنَفسَ ما يَلقى بِعَبدَةَ عَينُهُ * وَمـا كـانَ يَـلقى قَـلبُهُ وَطَبائِبُه
فَـأَقصَرَ عِـرزامُ الـفُؤادِ وَإِنَّـما * يَـميلُ بِـهِ مَـسُّ الـهَوى فَيُطالِبُه
فأعجب لها , وأحزن على سوء طويته وفساد عقيدته !
ثم أنطلق فأرى أبا نواس يحث السير مع صحبه ويصفهم قائلا :
ركْـبٌ تَسـاقَـوْا على الأكْـوارِ بَيْـنَهُمُ كأسَ الكرَى ؛ فانْتشَى المسقيّ والساقي
كأنّ أرْؤسَهُـمْ والنّوْمُ واضِعُهـا على المناكبِ لم تُوصَـلْ بأعْـنــاقِ
خاضُـوا إليْكُـمْ بـحـارَ الليْـلِ ،آوِنَـة ً، حتى أناخُـوا إليْكُمْ فَـلّ إشــراقِ
من كـلّ جائـلـة ِ النِّسْـعَينِ ، ضـامـرَة ٍ مشْتاقَـة ٍ حملـت أوصال مشـتاقِ
فأطرب لها ويجن بها جنوني , ثم أراه وقد ألقى عصا التسيار وطاب له المقام في بغداد مسامرا ندمائه وينشد :
لا تَبْكِ ليلى ، ولا تطْرَبْ إلى هندِ، واشْرَبْ على الوَرْدِ من حمراء كالوَرْدِ
كأساً إذا انحدَرَتْ في حلْقِ شاربها، أجْدَتْهُ حُمْرَتَها في العينِ والخدّ
فالخَمرُ ياقوتة ٌ، والكأسُ لُؤْلُؤة ٌ من كَفِّ جارِيَة ٍ مَمشوقَة ِ القَدّ
تَسْقيكَ من عيْنها خمراً ، ومن يدها خمْراً، فما لك من سُكرَينِ من بُدّ
لي نشوتان، وللنَّدْمانِ واحدة ٌ، شيءٌ خُصِصْتُ به من بينِهِمْ وحدي
فأطرب لها أكثر من سابقتها , وأقول : نعم الموهبة موهبتُه , وبئس السيرة سيرتُه
ثم أنطلق ... وهكذا يا رشا ... لا يقطعني عن رحلتي هذه سوى طارق يطرق أو حادث يعرض
ولو كنت أملك من الوقت ما يكفي لأكملت لكم رحلتي الافتراضية حتى أصل بها إلى العصر الحديث , ولكن الهموم كثيرة , وإلى الله المشتكى