أجنحة وأغاني

[مشعل فايح]

عذولي في الجفا لا تمتحني
سراب القرب انا مليت منّه
ليال العمر لو ساعة عطنّي
خذن اضعاف كل اللي عطنّه
سألتك بالوفا اللي ضاع منّي
تردّ الرمح.. ما بالنزف منّه
انا بلياك.. لطعوني أغني
قطعت الحلم.. بأيام المحنّة
إله الكون بي رحماك إني
بحاجة نفس ترجع مطمئنة

 

[مشعل فايح]

هذا الخريف ليست الأوراق وحدها تتساقط.
الإصفرار يغطي كل شيء.

 

[مشعل فايح]

غابت الأرض عني ليلة البارح
روحي المنهكة خانت بجنحاني
ريشها اللي على حد النظر سابح
كيف ثار وقوى نهري وعصياني
قلت له يا رهيّف وين بي رايح
قال عنّيتني والحين تنهاني
غربة الأرض أنا مالي بها صالح
وغربة الريح داري لين تنساني
لايم الجرح ما تقوى على الجارح
كيف لو جاك منه ربع ما جاني
الله اللي يسامح ليش ما اسامح
وباقي الروح هي ربعي وخلاني

 

[مشعل فايح]

اسمعك.. كترنيمة طفل ساعة دهدهه..
اسمعك.

 

[مشعل فايح]

مزّقوا عشر مزقني ظلامها
والبسوك ظلّي

أي روح ابيك.,
كل شيء تضائل
الاّ الملل

 

[مشعل فايح]

وبعد ان دفعتني الريح بإتجاهٍ تمقته حتى مسامير زورقي
الصغير المتهالك.. فردتُ ذراعي واقفاً وادرت وجهي
للريح معاكساً زورقي..
كانت الريح تخترق صدري وتشحن روحي فيما ترتطم
الحكايات القادمة بمقدمة الزورق. حكايات اعلم انها لن
تكون سعيدة كثيراً فلا باريس بلدي المفضل ولا اهلها
أحبابي..
وصلت وبي حنق على نهر السين.. فقد اقتلع اخر خشبات
الزورق ورمى بي على نهرٍ من اسفلت يسمى الشانزليزيه
بقبح اهله الأصلين.. وبلاهة اكثر زواره.

الشقة الصغيرة بمثابة تابوت لحانوتيّ صنعه وهو بحالة
نفسية سيئة.. رغم الفخامة الباريسية التي لا تتجاوز اسم
باريس لمن لم يزرها.
الزقاق المليئة بالعرب واللصوص العرب والمطاعم
العربية والمحلات العربية ونوادي الليل العربية تفوح
منها رائحة العفن الكفيلة بحرق الدهون الزائدة بالجسم
لذلك الباريسيون اشتهروا بالرشاقة وامتهنوا ( العطارة)
بغض النظر عن الجذر العربي لهذه المهنة.

دوام اليوم الأول.. رُميَتْ بوجهي ورقة قرأتها قبل ذلك
اكثر من ثلاثين مرة.. ومع هذا.. احسستُ بالبلاهة وانا
احاول الفهم.
نائبة المدير.. سيلين فتاة قبيحة بقدر جمالها.. ووقحة بقدر
لطفها.. تمد لي كوب قهوة واقبله ببرود.. فأكتشف انه بارد
اصلاً.

أرتمي على احدى الكراسي باهتة اللون في مقهى الفوكيت
لأني احتاج الى قهوة (ساخنة) بجانب عجوز تبدو على ملامحه
الطيبة اخترت المكان لعلي انعم ببعض الهدوء في هذه المدينة
الصارخة بما تحمله الكلمة من ضجيج.. فيبادرني بالسلام ويسألني
ان كنتُ عربياً. لم يتكلم عن الطقس طبعاً ليس لأنه عربي فقط بل لأنه
يعلم انني لست فرنسياً.. ثم يحاول ان يفهم سبب وجودي في المنطقة
ويعرف اهتماماتي في هذا البلد ولأن لي اكثر من اهتمام فلا بد ان يكون
له اكثر من تخصص بحسب الأهتمام فهو رغم سنّه وتجاعيده يمكنه ان
يقدم لي ما اشاء.. كان يمكنه ان يوفر لي الكتب بأسعارٍ رخيصة ويمكنه
ان يدلني على أرقى النوادي الرياضية.. والليلية.. كان لديه الحلّ لجميع
مشاكل العرب الجنسية والنفسية كان يعرف جميع الامراء والشيوخ
والمسؤولين الفرنسيين وصولاً الى كارلا بروني زوجة الرئيس.
وبخبث ليس من طبيعتي أسأله ان كان يعرف ايرار كوربان! فيقطّب
جبينه ثم يحاول ان يصطنع الابتسامة وخلال ثلاث دقائق على الاكثر
يطلب فاتورته ويودعني على امل اللقاء.

باريس.. ابنة اوروربا المدللة جداً لن تناسبني يوماً لأعيش أيامها
التي تتضخم بكل ثانية من ثوانيها.. ربما لأنني لا استسيغ المدللات
ولا المدللين تماماً كما لا استسيغ البيبسي وريال مدريد واسرائيل

أحاول ان اجامل يومي بابتسامة واستلقي على السرير لأغفو
فأشعر بألم يعتصرني اعتصاراً ويرمي بي في باب الثلاجة
بحثاً عن مسكّن. اغلقه فتقع عيناي على شعار وضعه المالك عليه
من الخارج( أُحبُ باريس) فأصرخ بتحريض من الألم:
لا والله.. لا.. ليس أنا.

 

[مشعل فايح]

لم أكن أعلم ان الأوامر ستأتي بهذه السرعة لتنقذني من باريس ولو لفترة قصيرة
صحيح اني لم أر امي حتى الآن.. ولا وجوهاً اشتقت اليها كثيراً حينما خلتُ اني لن
اشتاق الى أحد. لكن على الأقل بإمكاني القول اني رجعت للوطن/ لنفسي لحظة.
جدّة الفتاة الحزينة.. تمشّط اوجاعها بأهداب أهلها.. وتغنيّ.
وأنا.. انتظر.

 

[مشعل فايح]

كل المساءات والبحر

انت