اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمال الشقصي
\
غواية!!
حتى أن اسمي غسان كنفاني وغادة السمان لهما علاقة وطيدة بهذه الغواية.. والدليل القاطع يظهر جلياً منذ الـ(غاءين) الأوليين وانتهاءً بتاء غادة المربوطة!
:
ليس ثمة جملة داخل هذه الصدفة بغير وقع، إنني مندهش جداً لعدة أمور تحدث هنا، ومن الجيد أن أضع شيئاً منها أمام ناظر منال عبدالرحمن:
1ـ يتستر عاشق مراهق على براءة طفولته!
2ـ سنونوةً مهاجرةً من مجاهلِ الحقيقةِ
3ـ حد اندماج الظلال.
4ـ رمالَ العمرِ المتسرّبةِ في كفِّ نخلةٍ عذراء..
كل هذه الجمل تأتي مثالاً لا للحصر على أن اللغة غواية بحد ذاتها في هذ النص، وهذا ما يجعلني أبرئ منال من شخصية ارتكاب (الغوايات).. فهي من القلة الهائلة التي تحيل الخطيئة في الحرف لـ(غيّ) من (النايات)!
حين أُفاجأ (ببراءة الطفولة) كتركيبٍ لغويٍ ينتهي به شطر (عاشق مراهق) يرتل ما تيسر من حلمه، فهنا تتجلى أمامي غواية بيضاء، واضطر لأن ألقي أمام براءتها الكرامات، حيث عمر الطفولة ما هو إلا تميمة معلقة على نحر الإنسان، لتصبح بعد ما يقارب عشقاً من الزمان ونيّف.. تصبح مرجعية القلب الخطّاء نحو بكائية الوجد الحقة.
/
إنني مشغول جداً بمفردة يتيمة بين ثنايا هذه الغواية يا منال، ولا أعلم لِمَ انغمست أحداقي منذ الوهلة الأولى فوق (مفاجأة) المعلقة كأرجوحةٍ بين المقطع والآخر.. فهل يدرك شخص مثلي مدى تربصك يالماء وبغسول السماء تماماً، كما تتربص طلقة الصياد بأيل الغابة المذعور؟! لا أدري.. ربما أنني كذلك، وربما أنها قطرة ملح متعبة قد استلقت غبشاً بين جفنيّ قارئ عبثيّ!
\
سأهمس لـ منال قبل عودتي ثانية، حال انتهائي من قراءة هذه الغواية الطهورة:
إن هذا النص مفتوح على شرفة الإحتمال، ومن الرائع أن نغمس أمانينا في تربة الحلم مادامت أراضي التحقق مسفوكة/ مسفوحة الأطيان.
/
|
و أجدني بدأتُ من حيثُ انتهيتَ , فاعذر حرفيَ المسكوبَ على طرفِ ثوبِ غيمة , كلّما تشبّثَ بأحد خيوطها , تلاشى !!
ربّما نغرسُ الأمنيةَ في طينِ الحلمِ , إذ أنّنا نعرفُ أنّ ذاكَ التّرابُ معجونٌ بدمِ عيوننا إذ يرافقها النّوم في نزهةٍ نحوَ الخيال , ليفاجئها بطعنةِ كابوسٍ مؤلم ..
فلماذا اذن لا نفعلُ ذلك ؟ و مالّذي يُزيلُ آخرَ قطراتِ الماءِ العالقةِ على شفاهِ كلماتِنا , ترتجفُ و تتربّصُّ بحروفنا , فلا نقولها , خوفاً على قطرة و انتظاراً لشعاعِ نورٍ تُرسلهُ لنا شمسُ الغيابِ المستوطنِ فينا ..
لا أذكرُ سوى أنّي ترقّبتُ سنبلةً حزينةً و كانَت تكبرُ في كلِّ يومٍ بمقدار حبّةِ قمح , و كنتُ انا هناكَ على طرفِ عودها النّحيل , أعدُّ نبضَ الماءِ فيها و ارتجافَ شحيحِ الماءِ في صدري , و أتلو بإيمانِ الطّفولةِ كلَّ الصّلوات , علّني أكبرُ معها , أو يكونَ قمحها خبزَ غربتي المطحون .
لا اذكرُ ماذا حدثَ للسّنبلة , بعد أن أودعتُ لديها آخرَ مرةٍ , عينيّ , و تبخّرتُ مع حلمٍ وعدني فيهِ الوطنُ و نسيني على عتبتهِ و البابُ مغلق .
ربّما كانت تلكَ أولى مفاجآتي , تبعها الكثيرُ منَ أسرابِ النّوارسِ الّتي جاءت على هيئة غيمة !
/
فإن أتاني رجلٌ , معجونٌ بماءِ الشّعرِ , و غوايةِ الحلمِ , و نورِ الحضور , و أمسكَ بنصّي بأطرافِ دهشته , سأجدُني حتماً مُنصتة , لكلِّ حرفٍ سيحوّلُّ نصّي هذا إلى سنونواتٍ بلونِ القمر ..
أيّها الأستاذ :
عاجزةٌ عن شُكري لهذا الحضور السخيّ ,
سأصلّي , علَّ الغيثَ يُسعفني ..
دمتَ بخير .