لا أحب أن أسميه ضجراً . لكنني بالفعل بدأت اشعر بالخطر على مزاجي الشخصي بسبب ما يحدث لي طوال اليوم . طوال الشهر . طوال السنة تقريبا.
الفرق هنا أن الأمر أصبح يوميا بصورة لا تطاق ، أعرف أن أحدهم قال : أن الإنسان حيوان سياسي.
لكنني لا أستطيع أن افهم لماذا ينبغي علينا أن نستسلم لحالة تكاد تكون آلية قاتلة بحيث لا نرى في الحياة أو العالم سوى السياسية ، ولا ننظر إلى أي شيئ أو أي مسألة الا من منظار السياسة.
بالنسبة أظن أن في الحالة التي تورطنا فيها خطرا على استعدادنا الإنساني للحياة في جوانبها الأخرى.
ليس من المعقول أن تتحكم فينا الحالة السياسية إلى هذا الحد ، دعوني أقول لكم فقط عن الفترة الأخيرة ، منذ أن بدأت تفاقم مشكلة الحرب الأخيرة، وخصوصا بعد أن انفجرت الحرب في العراق.وحالياً ما يحدث في لبنان كنت أتجرع ( ومثلي الملايين طبعا) السياسة منذ اليقظة صباحا حتى لحظة النوم. وربما قلت أنها تتحول بعد النوم إلى ما يشبه الكوابيس.
في البيت على الإفطار والغداء و العشاء وما بينها. لا أحد له حديث غير السياسة.لاحظت أن الجميع أصبح محللا سياسيا وعسكريا أيضا.وفي الشارع كذلك.وحتى في الزيارات الاجتماعية أو المناسبات ليس سوى السياسة.، بالطبع سوف أتفهم سبب ذلك وبالطبع أيضا سيكون لي رأيا وموقفا وتفاعلا. فلست انسانة خارج الكون .
لكنني بدأت اشعر بأن ما تفرضه علينا أخبار و تفاصيل التطورات والحوارات السياسية الجارية والحساسيات المعقدة المتصلة بالحرب مصالح كل الأطراف، سوف تفرض هذه الأمور أخلاقية مضطربة وتكاد تكون غير إنسانية أحيانا في معظمها.، وسوف يهمني في هذا السياق كلما لاحظت أن عدد كبير من الأدباء و الكتاب و الشعراء سوف ينخرطون مع الجميع في الإدلاء بمواقفهم من الحرب، وسوف يبالغ البعض منهم / ولهم الحق طبعا/ لكي يتقمصوا أدوارا ليس من السهل فهما أو استيعابها.
أعرف أن الأديب هو إنسان في المجتمع كغيره ومن حقه أن يتفاعل ويشارك في الفعل السياسي. ، لكنني مهتمة بالظروف و الملابسات التي تفرضها الأخلاق السياسية على الأديب و الشاعر.
أعتقد أن خطرا سوف يهدد الأديب من السياسة. لأن العمل في الحقل السياسي والتورط فيه سوف يتطلب أخلاقا تتناقض مع طبيعة الأدب و الشعر. ففي السياسة غالبا ما تنتفي الأخلاق.
في السياسة هناك المجاملات التي تصل إلى درجة النفاق / وتعتبر فنا من فنون السياسة.
في السياسة يضطر الشخص إلى الكذب والمراوقة\والزيف في المشاعر والتجاهل الفض لمعاناة الآخرين.
في السياسة تتغلب المصالح الكبرى على حساب المشاعر الكبرى.
كل هذا سوف يفسد الحساسية الأدبية والشعرية التي تتبقى لنا في هذا العالم.
هذا بالضبط ما يشعرني بالخطر الذي تهدد فيها السياسة مصائر فعلنا الإنساني.
هل لديكم رأيا يسعفني ويوضح لي المشهد بصورة أكثر حيوية؟