التعليم مابين توثيق المظاهر والبهرجة في العمل ، والإخلاص في الأداء.
رسالة التعليم مهمة بل وضرورة وحتى تتم تلك الرسالة فلابد من موصل جيد لتلك الرسالة ولايعني التخرج من الجامعات أو الكليات التربوية بمعدل مرتفع أن هذا المتخرج يستطيع إيصال المعلومة التي تخصص فيها وتخرج لها ، فكم من خريج تربوي لايحمل غير شهادته فقط ، ولايحمل معها أي مؤهل حياتي (تربوي) ، وكم من خريج بمعدل أقل تراه موصلا للمعلومة بامتياز ، بل ستجده مبدعا في حب مادته بشتى الطرق التي يوفرها هو كان لزاما على (وزارة تحب البهرجة) أن توفرها لأداء الرسالة كما يجب حتى لايُعذر مقصر .
ولكن قبل كل ذلك هناك أهم مافي العملية كلها وهو الجانب(التربوي) وعلى المربي أن يكون بداية قدوة حقيقية يكون أبا رحيما وحازما ، وأب صديق لحل مشكلاته "أبنائه" الطلاب مرات أخرى ، ومما يزعجني هو عدم وضع هدف "الأبوة" مثالا قائما مع الطلاب ، فلا ينبغي أن يكون المعلم (صديقا) مع الطلاب فلايعد هناك بينهما حواجز "احترام" ، ولاينبغي أيضًا أن ينسى المعلم أنه "أب" لهؤلاء الطلاب رحيما بهم فلا يكون جلادا معاقبا أصبح الصوط أو العصا أو الكلمات الجارحة جزءا من شخصيته ، بل يكون أبا لامشاحة من الحزم والضبط في الوقت الذي يجب أن يكون فيه حزم وضبط
، كذلك فمراعاة مايعاني منه الطلاب من مشاكل أسرية أو مشاكل نفسية ، أو مشاكل عصبية ، أمر ضروري للحكم على الطالب حتى في المادة فلا تجعله سواء مثله مثل زميله السوي الذي لايعاني من مرض ، أو ظروف أسرية قاهرة ، ليس له يد فيها ، أو مشكلة في الحديث ربما تكون نتاج حادث صدمة نفسية عصبية في الصغر ألزمته مالاقبل له به ، فكم رأينا منه كذلك ولم يراعيه أحد واستمر كما هو .
كذلك أين منا من يقوم بدور المعلم المربي المعالج ، فكم من طالب خجول لو استطاع أن يحصل على الجرأة لفاق بعض زملائه المتميزين في الفصل ، فهل أعطينا مثله حوارا حميما كأب وابنه ، فلربما تغلب على مرضه الذي أعاق تميزه ، وأصبح عنده هذا المعلم قدوة لن ينساها .
نريد معلما يذكي روح الإسلام والوطن ، لانريد معلما يميز بين الأسود والأبيض والقبلي وغيره ، لانريد معلما يحتقر طالبا لأنه من الدولة الفلانية أو المنطقة العلانية .
أين منا وسطية المعلم في التعامل مع "أبنائه" الطلاب ، فلا يكون إلا أبا وقدوة ، لا أن نخاف على أبنائنا من المدرسة بسبب معلم شاذ ينتقي طلابا ذو مواصفات خاصة ليخرج معهم أو يصدرهم أمامه أو يعاملهم معاملة العشاق المتيمين ، أسأل الله لهم الهداية والصلاح ، أين الوسطية فلا شدة مفرطة فيصبح الطالب يكره خلالها المدرسة والمعلم ، ولا "فلتان " يجعل الطالب لايأبه لأي التزام بالنظام .
أين منا الطلاب الموهوبون الذين تزخر بهم مدارسنا ، ولا أقصد بالموهوب أي المتقدم دراسيا ، فربما يكون - وقد وجدت - متأخر دراسيا ولكنه نابغة في موهبة ، فهذا عنده ملكة كتابة المقالة ، وهذا عبقري حاسب وبرمجة ، والآخر رسام كاريكاتير ، ومن يجانبه مبدع في رسم المناظر الطبيعية والصورة الشخصية ، وآخرين بين مخترع ، ومبدع في حل المسائل ، أين منا هؤلاء ؟ هل سيُتركون سُدى ؟ يمرون مر السحاب ؟ فلا مهتم بهم ، ولامصقل لموهبتهم ؟ ولاداعم لهم بمال أو أماكن متخصصة لممارسة هواياتهم وإبداعهم ومواهبهم ؟
بصراحة نحتاج لمعلم مربي ولمسؤولين عن التربية وعن التعليم ، ليسوا عبارة عن أشكال ومناظر فقط يكتبون ليؤدوا مايظنون أنه فقط (أداء واجب وإبراء ذمة) كلا نريد أناس مؤمنين بقضية التربية والتعليم معتنقين فكرة الطلاب العلماء ، باختصار نريد رجالا يقودون أعظم أمة . للأسف جل مايحدث في التعليم ( مظاهر تعليم ) تطلب الوزارة توثيقها حتى تعرف من يعمل ( ظاهريا ) ولاتهتم بمن يؤدي الأمانة ويصنع العقول .