سَاعَةٌ مِنَ التَّوَاصُلِ المُبَاشَرِ | [4] | أبعاد العام

[محمد سلمان البلوي]

وعليكم السَّلام ورحمة الله وبركاته


تحيَّاتي للجميع، وشكري الجزيل للأستاذة (رشا) وللقائمين على الفعاليات والموقع.


مع نهاية التِّسعينات وبداية الألفيَّة الثَّانية وانتشار الشَّابكة؛ شهدتْ جلُّ المواقع الإلكترونيَّة العربيَّة، الأدبيَّة منها على وجه الخصوص والثَّقافيَّة، رواجًا جماهيريًّا طاغيًا وإقبالًا حاشدًا وحراكًا فاعلًا، ومرَّتْ بفترات ذهبيَّة؛ كان النَّاس فيها يهجرون الواقعي إلى الافتراضي، ويجدون في فضائه الحُرِّ الرَّحب والمُتاح للجميع فسحة وفرصة وبديلًا سهلًا ومُيسَّرًا وسريعًا لوسائل النَّشر والإعلام والتَّعليم والتَّثقيف والتَّرفيه التَّقليديَّة؛ يُحقِّق لهم الشُّهرة والانتشار، ويُلبِّي بعض احتياجاتهم المعرفيَّة، ويُوفِّر لهم شيئًا من الخصوصيِّة والسِّرِّيَّة وكثيرًا من الحُرِّيَّة، ولا يشترط فيهم أوعليهم مُتطلبات شخصيَّة أو علميَّة أو عمليَّة مُعيَّنة. وكان في مقدور كلِّ من يعرف كيفيَّة الاستخدام أنْ يلج في هذا العالم الصَّاخب، وكل من يمتلك الرَّغبة والقدرة أنْ يُنشئ موقعًا؛ مهما كانت إمكاناته مُتواضعة. ومع يُسر الوسيلة وتوفُّرها، وتعدُّد الغايات وتنوُّعها، وفي غياب القوانين والتَّشريعات أو في حضورها البَّاهت؛ عمَّت الفوضى، وساد الانفلات، واكتظَّت السَّاحة العربيَّة بكمٍّ هائل من المواقع العموميَّة والمٌتخصِّصة الجماعيَّة والفرديَّة الجَّادة والهازلة النَّافعة والضَّارة. ومع ظهور مواقع التَّواصل الاجتماعي العملاقة، وغيرها من المواقع الأجنبيَّة المُتخصِّصة، ذات الإمكانات الهائلة والتَّقنيات المتطوِّرة، أخذت المواقع العربيَّة بالتَّراجع التَّدريجيِّ والانحسار، حتَّى انهار كثير منها وتهاوى واختفى تمامًا وتلاشى، والمُتبقِّي منها؛ إمَّا يُحتضر ويُعاني من البوار والكساد والإفلاس، وإمَّا يُكافح في سبيل البقاء والاستمرار ويُحاول التَّغلُّب على العقبات والعوائق؛ حينًا بالتَّطوير والتَّجديد والتَّحديث، وحينًا بتقديم المزيد من المزايا والخدمات والتَّسهيلات والتَّنازلات المَحمودة أو المَذمومة.