قصة مترجمه للكاتب العالمي
أنطوان تشيكوف
بطاقة الحظ
جلس إيفان ديمتريش على طاولة الطعام يتناول عشاءه بعد يوم عمل شاق ، وبعد أن يفرغ منه وقبل أن يهم بقراءة الصحيفة ، كعادته وعادة كل الأزواج تقريبا ، كل يوم تذكره زوجته ماشا ، التي تشاركه شظف العيش ، تذكره أن اليوم هو إعلان نتيجة اليانصيب الأخير الذي اشترت ماشا واحدة من بطاقاته.
إيفان رجل جاد لا يؤمن بالحظ، وبالأحرى يرى أن الحظ ليس من نصيبه وإلا لماذا حاله هكذا؟ غير أن الرجل ، على ضيق حاله قنوع راض بدخله المتواضع. إيفان يسأل ، في غير اكتراث واضح ، زوجته عن رقم البطاقة ويبدأ في التفتيش عن الرقم الفائز المنشور في الصحيفة التي بين يديه. تناوله ماشا البطاقة فيقرأ الرقم بطرف عين ، وقد رأى أن الرقم الفائز هو رقم بطاقة ماشا. وفي لحظات تتغير نفسية الرجل ويغوص فجأة في أحلامه وينسى نفسه.. كيف سينفق هذه الثروة التي هبطت عليه.. يغير البيت؟ طبعا. وكل الأثاث؟ بالتأكيد. ويسدد الديون المتراكمة عليه؟ لا بأس. ولكن الباقي ما مصيره؟ في البنك يا عزيزي ليضمن عائدا يتلاءم مع متطلبات المرحلة الجدية التي ولجها.
فجأة يتحول العزيز ديمتريش من رجل قانع إلى شخص طامع لديه نهم إلى الإسراف والتبذير، فهذه الورقة التي بين يديه ستنقله من عالم إلى عالم آخر، ليس هو وحده وإنما معه الأولاد وأم الأولاد الزوجة التي اشترت البطاقة. يتوقف إيفان ديمتريش عن الاسترسال في أحلامه برهة وينظر إلى ماشا ليخبرها أنه سيسافر إلى خارج البلاد في رحلة سياحية.
العزيزة ماشا يبدو أن أحلامها هي الأخرى كانت اختمرت في مؤخرة جمجمتها ، حيث تبادره قائلة.. أنا أيضا أود السفر إلى الخارج .
الكلام وقع صاعقة على الرجل الذي كان حتى لحظات قليلة ، وقورا. لم يكن يتخيل أن تطلب منه السفر للخارج ، ويتساءل- في نفسه طبعا- ماذا تريد ماشا؟ أتريد ملازمتي فلا أسافر وحيدا واستمتع بسفرتي حتى النهاية؟
وفي ثواني معدودات تتحول صورة المرأة التي رافقته رحلة الحياة إلى شبح مزعج ، رهيب، عجوز لا تعرف إلا الشكوى ، ولا تشم منها إلا رائحة المطبخ ، في جسدها وفي ملابسها.
لم يعد فيها شيء يجذبه إليها. أما هو فمازال شابا وسيما- هكذا تخيل- ولا يخلو من جاذبية ، فلماذا لا يتزوج من أخرى؟ نعم لماذا لا يتزوج من أخرى؟