الموت ،، هكذا مباشرة ،،
من قمة الحياة إلى حضيض الموت ،،
لماذا ؟!
لأن الموت هو الصرخة الكبرى في وجود الإنسان ،،
النداء الأخير ،،
الخطوة التي لا رجوع بعدها ،،
الحزن العميق الذي يرد على فرحة الحياة التافهة ،،
الوداع الذي يسخر من اللقاءات الصغيرة ،،
ويدفع الإنسان إلى البكاء على مهازل حياته ،،
وما اقترفه من ضلالات ،،
إن ذكرى الموت تردني بعنف ،،
إلى لحظة الرعب التي تنتظرني ،،
إلى الظلام الذي سيلفني عما قريب ،،
وأي منا سوف لا يلفه الظلام عما قريب ؟!
ثمة لحظات تنساب ،،
ودقائق تركض ،،
وساعات تتوالى ،،
ومنها يتجمع وهم الأيام والشهور والسنين
تخيل لنا كل وحدة منها أنها تقف ،،
لتوحي لنا بالركون إلى الزمن والاطمئنان إليه ،،
تبعث الأطياف وتشعل الأبخرة ،،
تجعلنا نعانق ذكريات الماضي بصحوة خادعة ،،
ولكنها ما إن تحس بأننا خدعنا ،،
حتى تسخر من هذا النسيان ،،
والعبث ،، والإغراق ،،
فتمضي ،، لا تلوي على شئ
ولمَ أذهب بعيدا إلى مدار الزمن ؟! ،،
الزمن الذي يتسارع فيوحي للجميع
بأن شيئا سيحدث ،،
ثمة نهاية قد اقتربت ،،
لم أذهب بعيدا ؟! ،،
وها هو قلبي قريب من قبضة يدي !! ،،
ها هو قلبي يدق ،،
وكل دقة تسلمني إلى الأخرى ،،
ثم ،، وآه من النسيان !!
تأتي الدقة الأخيرة ،،
ألن تأتي الدقة الأخيرة ؟!
نحن ،، عندما نضرب موعدا للقاء ،،
في ساعة ما ،،
أفلا نركن إلى الساعة التي تدق ؟!،،
دقة إثر دقة ،،
ثم تأتي الدقة الأخيرة ،،
تعلن أن الميعاد قد حان !!
هكذا دقات قلبي ،،
تذكرني دوما أن ميعادي قد حان ،،
وأن ثمة دقة أخيرة ستسلمني للقبر ،،
وحينذاك !!
أتجاوز الإغراق والعبث والنسيان ،،
أحدد مكانا لكل خطوة من خطواتي ،،
فتجربة كهذه ،،
تتيح لي رؤية واقعية لوجودي ،،
رؤية تضع في مدى نظري ،،
مساحة من الأرض سأحيا فوقها ،،
وعددا من الخطوات سأخطوها ،،
وحسابا عادلا ينتظرني في نهاية الطريق
عن الأرض التي أتيح لي أن أمشي عليها ،،
والخطوات التي وهبت لي ،،
والحرية التي مكنتني من الاستجابة لنداءات الحياة ،،
الموت يذكرني بهذه الرياضيات العادلة ،،
والرؤية الحقيقية ،،
والعناق بين الحياة والمصير ،،
ان النداءات جميعا قد علاها الصدأ ،،
وكفنها الغبار ،،
والأصوات قد شلتها الرغبة في التكاثر ،،
فلا أروع من أن نتكلم عن المقابر ،، والموت ،،
لأنه النداء الأخير