( غُصَّة الناي ) \ رسالة إلى السماء
\
\
\
بادئ ذي حزن :
اليوم قهرٌ احتفى بعامه الأول , و غداً قهرٌ أمر و أشر ....
و التالي ليس – معاذ الله – اعتراضاً على قدر الله ,
إنما هو رفع وتيرة حمحمة الفؤاد لتبلغ مقام الصهيل .....
* نثيرة وفاء لروح زوجتي الراحلة في ذكراها الأولى
حَولٌ مُرٌّ - بالكاد - انفلتَ من عنق عمري , و قبيل أن تنسلخ من روحي أواخرُ عتماته , رمَّد فيَّ كل هذيانٍ اعتراني و أوهمني أنَّكِ ما رحلتِ , و أنَّكِ في تطوافٍ آنيٍّ في ملكوت النور , و أنَّكِ لا بد آيبة .....
نعم يا " ميـد " ,
هو انصرام أول عامٍ من " روزنامة " العلقم .
عامٌ كُتِبَ بمداد الفقد و عددتُ ثوانيه على سُبحةٍ أحصي على حباتها آلاءكِ و حميد سجاياكِ و نقيّ خصالكِ . فلم أنسَ -للحظةٍ– بَشاشة محياكِ في اللقاء , أو تعويذةً مباركةً كنتِ تحيطينني بها كلما هممتُ بالخروج , أو إغداق بريق عينيكِ عليَّ بفيض الأمان , أو ندى كفيكِ يربِّتان على صروف العمر – و ما أكثرها – فيستحيل الهم فرجاً , و المنغلق ميسَّراً كأنَّه ما مرَّ بعسرٍ قط . أم تراني أنسى روحكِ التي طالما دثرتِني بدفئها كلما بلغتْ الغصة مقام الاختناق و مَرْتَبة العبرات , فتسكن حشرجات الروح و تشرق فيَّ آيات الأمل !
منذ عامٍ كاليوم يا " ميـد " اكتملت أنصبة الوجع على تمامها , و تمتْ مراسم تيه الروح على أكملها , حيث – بعدكِ – كل مواسم الفرح أكذوبة كبرى , و كل مباهج الروح وهم ؛ فكيف للفرح أن يهمي و أنتِ ابتسامته الغائبة , و كيف للبهجة أن تحتفي بذاتها و أنتِ سرها!؟ و كيف للغدران ألّا تبوء لكِ بعذوبة مائها , أم هل لليمامات أن تجحد أنَّكِ إلهام هديلها !؟
ترى - بعد هذا - أيّ سلوىً تطال ما بي فتخفف وطأة حزني ؟ و أيّ صبرٍ ذاك القادر على كفكفة الوجع !!؟ و ما عساي أفعل في أقدار خالقي - إن كان قد امتحنني فزادني بسطةً في الحزن و القهر - سوى التسليم و الرضا ! .
مضتْ ثواني الحول و لم تبقِ في كنانة الوجيعة نصلاً إلّا و رمتْني به , و لم تترك كوَّةً للضياء إلّا و أوصدتْها , حتى تراكمت بيادر الظلمة و ارتقت تسعى لسد كل أفقٍ ترنو إليه روحي , أفقٍ أتلمس عنده طيفكِ ليؤنسني في وحشتي ؛ فبثثتُ في كل ركنٍ لهفتي عربون استجداء لتنزّله , و رويت كل الفضاءات بماء المقل استعطافاً له , و بسطتُ له الروح منارةً يُهدى بها إليَّ , و غمست الدعاء بوجيب الفؤاد الذي لم تغفُ خفقاته عن تلاوة آي الشوق لكِ , و لم تأخذه سِنَةٌ من محراب ذكراكِ ......
و لمّا لاب ناي الروح عطشاً و استيأس , نأى بلحنه , و تكوَّرتْ غُصَّة صوته في حنجرتي , يممتْ الخطى مسيرها صوب لحدٍ بالنور ضمَّكِ , و بالرحمة لفَّكِ ......
28 \ 9 \ 2009
/
/
/
عماد