في المقام الأول ؛ كانت القراءة جزء من ممارساتي اليومية .
الآن و على هذه الوتيرة التي يتراءى لي أنها ستستمر مطولة كما هي ؛ سأسأم كما سئمت الحرف العربي !
نعم سئمت الحرف العربي ؛ فمنذ القديم كنت منخرطة في النص العربي الشعري، النثري و الروائي أياً ما يكون ؛ و الآن أضحيت أشطب الحرف العربي في إطار مقتنياتي .
تعلمت أن الأدب فن و الرواية فن و الشعر فن آخر لا يقطن بالقرب من الإثنين . و في الآونة الأخيرة بدأت ألاحظ ما لم أكن أنتبه له من ذي قبل . فمن كثرت قراءته، كبرت معرفته. بدأت اليوم أجد العديد من الأسماء لا تفرق بين الأدب و الرواية ؛ فتقرأ نصاً أدبياً محبكاً كأنما هو قصة، و تقرأ الرواية و كإنها نصوص متزاحمة في انسياق أدبي غير مكترثة بالحبكة المرسومة .
أنا قارئ و من حقي أن أقرأ ما أريد ! نعم أنا قارئ و من حقي أن أقرأ ما أرغب !
من حقي أن أقرأ ما أفضل لا أن أجبر عليه خدعة دون إدلاء سابق الإشعار؛ من حقي أن أختار ما يناسب ذائقتي لا أن أسوق فيه من غير أذن .
عجباً عجاب . كيف يحق لهؤلاء الكتاب تخريب الأمور على نحو سيء ؛ بالغين في ذلك مبلغ مخربي حضارات أمة ! لا تنكر . الأدب حضارة أمة ؛ و الطعن فيه طعنٌ لحضارة أمة . فلا يحق لأحد الإنخراط في عمل الآخر من منطلق ماهيته ! فالفرق شاسع بين الأديب و الروائي ؛ و لا يحق لأحدهما نقد الآخر من منطلق ماهيته أيضاً ؛ و لا حق لأحدهم ممارسة عمل الآخر . فلا الأديب ماهر في الرواية و لا الروائي ماهر في الأدب ؛ باستثناء من جمع بين المهارتين .
فالأدب فن لا نص مطروح . فعلى الأديب اتقان الفن لا استلطاف ممارسته تنفيساً و ترغيباً . و وجب على النص جمع أسس الأدب لا تحديده بتلك؛ منافيه بذلك الإبداع و الفكرة . فكما الفنون لها أسس فهي في الأفكار متفرعة . كذلك هو الأدب فن من فنون الحياة . فوجب على الكتاب ممارسته ابداعاً بالفن لا تهيُماً بالأسس .
و عن الرواية ما أقول ؟ فالحبكة فيها عضد دونه لا يقوم . فكان لزاماً على ساذجي الحبكة الإنشغال عن كتابة الرواية ؛ ناهيك عن من يجمع بين التسلسل و الحبكة في مجمع واحد ! فالتسلسل لا تلزم الراوي التقيد به ؛ بعكس الحبكة التي لا تستقيم الرواية من دونها .
كفو عن التشويه ؛ كفو عن التملق و اكتبو عن تأليفٍ لا عن ترويج !