في العيد تكبر غادة
غادة الطفلة الزهرة ...
كانت تأتي في صباحات الأعياد مرتدية فستانها الجديد وحذاءها الجديد
شعرها المسرَح على كتفيها جدائلاً من حرير
معقود في طرفي جديلتيها وردًة من قماش لونه أحمر
غادة تأتي للعيد وشنطة صغيرة متدلية من كتفها بسلسلة من نحاس لونه أصفر يشبه الذهب
تمد يدها غادة ... تُسلَمُ سلام العيد
تكاد ترى بهحة العيد تقفز من عينيها
تقول غادة باستحياء وخفر شديد (أبي عيدي ... عادت عليكم)
تمنحها لفافة حلوى وبعض ريالات
تفرح غادة ... تركض غادة ... تضحك غادة
حتى لا تقول شكراً
مضت السنون ...
وأتى بعيد وبعده عيد وغادة تكبر في كل عيد مرتين
لم تعد غادة تذهب صحبة الصبايا والصبيان يطرقون أبواب الأهل والجيران
(أبي عيدي ... عادت عليكم)
كبرت غادة ...
تكور في صدرها رمانتان
التف حول خصرها عود خيزران
غدت شفتاها حدائق ورد وخديها حقول أقحوان
كبرت غادة ...
لم تعد تعايد الأهل والجيران
لم تعد غادة تلعب مع الصبية والصبيان
بعد عام يتلفت العيد متسائلاً ...
اين غادة واين طفلة ذاك الزمان ؟
كبرت غادة ولم يكبر معها العيد
ما عادت غادة تلك الصبية تحلم بعيدية العيد ولا تشتهي لفافة الحلوى
ولا اللعب في الحارة والميدان
كبرت غادة وكبر حلمها ...
تحلم غادة بذلك الإنسان ...
الفتى الأسمر فارس الفرسان
يأتي فيخطفها على حصانه الأبيض المرضع بالآليء والمرجان
ما عادت غادة تردد صباح العيد
(أبي عيدي ... عادت عليكم)
كان ذلك ماضٍ في سالف الزمان
كبرت غادة وكبر معها الحلم
وبقي العيد كما هو يتردد على أبواب الصبايا والصبيان
ينشد عن غادة ...
وغادة فر بها الزمان
"البستاني"