كوب شاي"
قصة قصيرة
تناديني وأنا مارة بجوار بيتها الصغير ..صوتها الواهن يأتيني من داخل الغرفة ..بابها دائماً مفتوح
أقول لها ألا تخافي اللصوص ؟
بصوت ترتعش الكلمات منه :العمر راح ولا يوجد شئٌ ذو قيمةٍ أتطلع إلى غرفتها كأني أراها للوهلة الأولى ..تفاجئني يداها تغوص في صندوقها الخشبي .. تخرج مافي بطنه ..تبعثره أمامها، تمسك أحيانا بملابسها القديمة، وأحياناً بزجاجة فارغة تميزها رائحة الزمن.. تبتسم وفي تهكم شديد :"دي أيام الصبا " تنظر إليّ ..تضم يدي بيديها المرتعشة التي تحتضن سنوات من الألم والفرح داخلها ..تسألني لما لم أتزوج بعد ؟
فأصرخ في أذنها لسّه النصيب ياخاله.. ،تخرج آهة من أعماق صدرها تتمتم بعدها بكلمات تبوح بين حروفها عن سر ألمها المكتوم ،أتخيلها فتاة العشرين تجري بين الزروع ،تمرح بوجهها الممتلئ الدائري وعينيها اللامعة السواد .. أراها تعانق زهر الليمون غير مبالية بأشواكه، أرى كل الأنظار مصوبة نحوها..إلا أنها تتطلع للزائر الغريب..تنتظره يدق بابها ،أسمع أناتها ..أعود إليها تشير إلي بعض الكراكيب بجوارها أعرف أنها تريد رشفات من الشاي أصنعه لها وأنا أتعجل النار التي تحالفت معها ، بطيئة الأشياء في بيتها ..قديمة حكاياها..أزفر أنفاسي في ضيق من أسئلتها المتكررة ، أباغتها بسؤال لماذا لم تتزوجي ؟
تتوه منها الكلمات في خضم ذكرياتها ،فتصمت ،تتلمس ووجهها الذي تملؤه التجاعيد ،وبعينين شبه مفتوحتين تنظر نحو الباب المفتوح ،بعد لحظات وضعت كوب الشاي الفارغ ومالت إلى الوراء وهي تشيح برأسها يمينًا وشمالاً ، خرجت من عندها وأنا أتحسس وجهي وأنتظر النصيب..
بقلم:
ياسمين عبد العال حافظ
عضو نادي أدب سوهاج