.
.
.
.
.
" 18/5/2012 .. وبلغ منتهاه .. ! "
منذ أن كنت طفلاً .. وأنا لم أكن أحب التواريخ .. ولم تكن تجذبني أو تعني لي شيئاً ..
وأبسط مثال .. يوم ميلاد ( 6/2 ) .. لم يكن يعني لي شيئا .. حتى أنني أتظاهر
بنسيانه أحيانا كثيرة .. هكذا هي الحياة لا يعني لنا الأمر شيئا ما لم يرتبط بحدث هام
متى ما ارتبط أمر ما .. بشيء .. يغدو ذا أهمية بالنسبة لنا ..
فنجدنا نهتم به ونحيا تفاصيله ونعترف به في معترك هذه الحياة .. لا أن نركنه على
الرف كما هي معظم الأشياء .. وبالرغم مما أحمل من أحلام وأمنيات ورغبات
للمستقبل .. لم أكن أهتم كثيرا بالزمن ولم أكن ألاحظ تغير التاريخ .. لم يكن التاريخ
يعني لي شيئا .. فاليوم مثل الأمس .. والأمس سيكون مشابها للغد .. نحيا وكأن
ساعتنا متوقفة .. كلما نظرنا إليها .. وجدنا عقارب الساعة لم تبرح مكانها .. كثيرا ما
سرحت في هذا الموضوع .. لكن دون جدوى .. لم أجد لتساؤلاتي مرفأ .. رغم كثرة
الحطام في شاطئي المهجور ..
لماذا لم نعد نهتم أو نتعرف على التاريخ .. ما السر من وراء ذلك .. لا أعلم ..
حتى جاء ذلك التاريخ ( 18/5 ) من بعد ذلك التاريخ .. اكتشفت السر ..
وكأن شيئا ما في داخلي .. يشدني إلى الطبيعة المحضة إلى الطبيعة البدائية النقية ..
إلى حيث ينتمي ما نبحث عنه جميعا .. إلى هناك حيث لا رتوش جميلية أو مساحيق
سلوكية .. فلم ألاحظ شيئا سوى أنني .. ابحث عن القمر .. نعم هو القمر .. فمن
خلال القمر .. ندرك التاريخ .. ويكون له معنى .. لذلك لا نعرف التاريخ .. فنحن لا
نحدق بالسماء .. نكتفي دائما بما هو موجود تحت قدمينا على مد النظر ..
لماذا لا نفتش في السماء عن قمرنا .. ؟!
إلى متى ستظل سماء القلب ملبدة بالغيوم .. ألم يحن الوقت لغيوم هذا القلب ..
أن تمطر .. كي تنجلي .. فتغدو سماء القلب صافية .. كما لو أن تهمس للقمر ..
هيتَ لك .. ولا أظن أنه سيخيب الأمل .. سوف يأتي .. ليتوج السماء بحضوره ..
ويضيء عتمة الليل الداكن .. لنبحث .. ففي سماء كل منا .. قمر .. !
متى ما وجده المرء .. سيتخلص نهائيا من وحشة وكآبة الوحدة والحياة ..
أتذكر جيداً .. حينما كنا أطفالاً .. علمونا في المدارس ماذا يعني الوطن ..
حفظونا حروف اسمه عن غيب .. تعرفنا عليه من خلال الخرائط والورق ..
وعلمونا أيضاً .. كيف يكون الحب في حفظ قصائد العشاق والحكايات الجميلة ..
وحينما كبرت .. لم أجد الوطن الذي أرهقونا به ونحن صغار .. كبرت ..
ولم أتعرف على ذلك الحب في الشوارع والطرق .. كبرت .. وأدركت أن كل المفاهيم
التي علمونا إياها .. كذب .. مجرد هراء .. !
فليس الحب في حفظ القصائد .. وليس الوطن فقط حبرا وورق ..
فـ نصف الوطن فينا .. نحن .. ونصف الحب فينا .. نحن .. ليتهم ..
ليتهم علمونا كيف نبحث عن نصفنا الآخر .. !
نصفنا الآخر .. القمر المفقود .. ترى من تلك التي تستحق أن تكون قمراً
في عالمك .. من تلك التي تود أن تهمس لها وتوشوشها قائلا ... :
لا شكل لي .. لا ملامح .. لا وجود .. لا أمس لي .. لا يوم ..
ليس هنالك من غدٍ .. حتى أرسلتك لي السماء .. يا قمري ..
فوجدت فيكِ كل شيء .. وجدت الافراح والاحزان .. وجدت الكفر والايمان ..
وجدت البحر والشطآن .. وجدت فيكِ كل شيء .. وجدتني أنا .. !
التي لطالما بحثت عنها طويلاً ..
فلا تاريخ قبلكِ .. ولا تاريخ بعدكِ .. من غيرك التاريخ .. !
أنتِ التاريخ .. أنتِ البداية والنهاية .. وأنتِ النقطة التي يلتقيان فيها ..
أنتِ موسيقى للحياة .. وأوتار لها يطرب قلبي .. ويتمايل فرحا نشوانا ..
أنتِ التي فتحتِ علبة حياتي .. وأطلقتِ سراح الألوان .. لتحلق كأسراب الطيور ..
وترسم لي وطنا يحتويني .. جناحين أحلق بهما .. لترسم لي فجرا وضياء ..
أرضا وسماء .. عطرا وهواء .. لترسمني أطيافا من قوس قزح .. !
أنتِ أنا .. أنا أنتِ .. لا يهم .. فما عدت أعرف من منا الآخر .. !
( ... الفكرة ... )
فلسفات التاريخ كثيرة .. !
دائما ما تعيدنا لنتأمل الحياة .. نقدسها في ذواتنا ..
تاريخٌ واحد .. وورقةٌ واحدة .. هي التي تستأثر بكل هذا الحب ..
والتي نمهر لأجلها ليال وأيام حياة بأكملها .. !