إمراةٌ أنا ولدت من زمنٍ خدشَ مَلامِحهُ الوقتْ أمكثُ وحيدةً على مقعد الصبر أضاجعُ ذاكرتي متلذذة بتفاصيلِ الماضي المكتظ بوجوههم وبساطتهم و المفلسة من ذاكرة النسيانِ كـ طيورٍ مهاجرةٍ بلا وطن ، ملكةٍ بلا مملكة .. عروسٍ بلا فارسْ
أقطنُ حيّاً راقيًا، أخطفُ قلب و عقلَ كل من شاهدنيِ ليس لجمالي بل لملامحي البغدادية الشهية تفوح بها خمريةُ وجهي ِ و تضيئُ بها خصلاتي الذهبية ..والناطقُ بِها سوار ثغري..
أنا تلك البغدادية ..من زمن الذكريات الجميلة ومقامْ الأُمنيات العَتيقة مَن رسمتْ أحْلامها بيادر و غَزتْ مشاعر المطر أنا هي الراهبةُ في كنيسةِ الحياة أجمع مزامير و تراتيل السماء و أتلوها عشقَاً وحباً في بلديِ المغتصب المذبوح ..
يا أم الحضارات
أبكي وجعَاً كلما نظرتُ إلى صورةٍ مِن صوركِ المؤطرة برائحة الراسقي والملطخة بدماء الحيارى و صرخات المغتصبات و التي لا مجيب لهم سوى الأعدام ظلماً حتى الموت..
أواصل رحيلي و أنا على تلك الجبال أنتعل أصالتي، مرتدية ثوب الثلج تقعرها انشقاق الهذيان فكيف لا يعشوشب اسمكِ مِن ربيع محبرتي التي لا تشيخُ كلما رسمت صوركِ من الشمالِ إلى الجنوب الباكي ..
يامن فتحت للبحر ذراعيها متوسدة مخدة الليل تبكي على فارسها
يامن تغزلَ بحسنكِ الشعراء
بلقيسُ ...
كانتْ أجملَ المَلِكَاتِ في تاريخ بابِِلْ
بلقيسُ ..
كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرض العراقْ
كانتْ إذا تمشي ..
ترافقُها طواويسٌ ..
وتتبعُها أيائِلْ ..
بلقيسُ .. يا وَجَعِي ..
ويا وَجَعَ القصيدةِ حين تلمَسُهَا الأناملْ
هل يا تُرى ..
من بعد شَعْرِكِ سوفَ ترتفعُ السنابلْ ؟
يا نَيْنَوَى الخضراء ..
يا غجريَّتي الشقراء ..
يا أمواجَ دجلةَ . .
تلبسُ في الربيعِ بساقِهِا
أحلى الخلاخِلْ ..
قتلوكِ يا بلقيسُ ..
أيَّةُ أُمَّةٍ عربيةٍ ..
تلكَ التي
تغتالُ أصواتَ البلابِلْ ؟
أين السَّمَوْأَلُ ؟
والمُهَلْهَلُ ؟
والغطاريفُ الأوائِلْ ؟
فقبائلٌ أَكَلَتْ قبائلْ ..
وثعالبٌ قتلتْ ثعالبْ ..
وعناكبٌ قتلتْ عناكبْ ..
قَسَمَاً بعينيكِ اللتينِ إليهما ..
تأوي ملايينُ الكواكبْ ..
سأقُولُ ، يا قَمَرِي ، عن العَرَبِ العجائبْ
فهل البطولةُ كِذْبَةٌ عربيةٌ ؟
أم مثلنا التاريخُ كاذبْ ؟.
هي العراقية حين يذكَرُ اسمها ترتعش الفراشات وتنفلت لها الاغنيات
وتستيقظ كل القصائد ..
غنى طارق