في أوروبا نقابي حياتي
اقتباس:
لم تهدأ سكنات الروعة والدهشة بحلول النقاب ضيفاً ثقيلاً على المسرح الأوروبي والغربي بشكل عام، فقد استحقّ الكثير من جهد الصحافة لمتابعة أواخر التبعات المُصاحبة لفزعاتهم تجاه النقاب، فبين ناصبٍ للحريّة وبين متخوّف من مخاطرها ضاعتْ المتنقّبة المُسلمة هناك واحتارتْ في أمرها، أتمسكهُ على هونٍ أم تدسّه في التراب؟! أم تنسى ما يطلقه العرب بـ " النقاب " الأسود؟ والذي توارثته الأجيال بأن تُظهر عينيّ المرأة وتُخفي باقي جسدها بالسواد أو بلون موحّد كما يفعله بعض الهنود والباكستانيين ومن حولهم.
البعض توقّف دينه الإسلاميّ على النقاب في أوروبا، فأصرّ على التمسّك به عناداً وظنّ ظنّ السوء بأن أوروبا والغرب ما هم إلا أعداء قديمون بقدم ظهور الدين الأخير " الإسلام "، فتتولد أرواح التحدي لديه بجعل امرأته أو أخته أو ابنته كمنظر غريب مُريب والذي يعكس مدى تكتّم الإسلام على المرأة، وأنه يُحاول سلب الحقوق من يديها، بعكس الرجل الذي يعثو في الأرض فساداً فيلبس ما يحلو له كيفما يشاء..!
أقول: لم يكن ولن يكون الإسلام في يومٍ من الأيام وفي مكان من الأمكنة مثل أوروبا والغرب متوقفاً ومتململاً تململ السليم على لبس النقاب، فيصيبه العُقم بمجرّد حظر هذا النقاب الذي فرضه البعض على أنفسهم في الغرب خصوصاً قبل الشرق، ناهيك عن أنه محلّ استهجان واستوحاش من معظم من يقطن هناك من المسلمين وغيرهم، بل وأن بعض الدراسات قامتْ بتحليل أضرار لبس هذا النقاب كمحاولة غير مباشرة في تغيير وجهة نظر المسلمات هناك، وآخرها كانت من لدن سويسرا بأن النقاب متسبباً بنقص فيتامين d والمُثمر لهشاشة العظام المعروفة لدى النساء.
نستذكر مثل هذه القضايا التي نواجهها للغرب، فقد نتفق في نُكتة الخطر الأمني الذي يدّعيه بعض هذه الدول الأوروبية، وذلك بأن يقوم أحدهم ممن لم ينتسب للدين الإسلامي بالتلبّس بهذا السواد العاتم ثم الذهاب لأحد المصارف أو البنوك مع مجموعة متلبّسين، وإحداث مشاكل قد تستغني عنها هذه الدول بقرار يقضي بمنع النقاب كلياً كما حدث في فرنسا الآن، والذي قُرّر بتطبيق حظره بعد 6 أشهر من الآن، وهي خطوة أوروبية أولى بمواجهة ما نسميه وما يسميه المسلمون بالنقاب الإسلامي، تُرى هل هم على حق بهذا الرأي؟! تستطيع أن تعرف الإجابة ببساطتها النيّرة حينما تقوم من تتنقّب في مجتمعنا بفعلٍ تستحي أن تقوم به غير المُنقّبة " المحجبة " في نفس الأحوال، فجعلت مما على عينها ساتراً كابحاً لا تتجرأ الأيدي والألسن للوقوف أمامها، ولأن السواد هنا مقدساً، فعلى كل من يمرّ أمام هذا السواد أن يُنكّس رأسه وينحني إجلالاً لعظمتهنّ، ولكن أليس الكيد منهنّ عظيم؟؟
لستُ معادياً للإسلام بأن أُبديَ رأيي فيه بهذه الصورة الساطعة الجليّة، بل وفي ذات الوقت ليس ما يفرضه المسلمون على أنفسهم في الغرب بمحلّ حَسَن لإبداء مثل هذه الهفوات، فالحرية التي لا أقف ضدها قد لا تتعارض بترك واجب أو فعل محرّم لتطبيقها، فالدين الإسلاميّ لا زال ولا يزال هو اليُسر وخاتم الأديان ولابدّ أن فيمن أوصى بالثقلين أن يجد بينهما ما يُطمئن الفؤاد حول هذه المسائل، فيكتشف كم كان ديننا سمحاً لا يقبل هذه الزعازع الحرجة من قبل الإنسان ونظره إلى المُسلم، ولكن منهم مَن حامتْ حوله دائرة السوء فلا يعرف المكان ولا يعرف الزمان! ولا يجد بين ذلك سبيلاً وقواماً في ترك ما فرضه على نفسه ولو بفصل رقبته عن بقية جسمه، فالويل لنا منهم كما الويل لهم من الناس، وهنيئاً لمجتمعنا بالنقاب.
|
مع تحياتي ،
سيد ناصر ..