قال لي : شكلك ما تحب الذكريات !
فبكى حرفي بهذه الكلمات ..
عدم الحب لا يعني الكره ، ومع ذلك ..
كيف أكره شيئاً لو سُلبته لكان الموت خيراً من البقاء ..؟!
كيف أكره أنيساً في وحشة الحياة يبدد ظلمات الكثيرين ممن يتقن جعل الحياة شيئاً بغيضاً عن قصدٍ ، أو حسن نية ؟!
الذكريات أثر رجعي حافز للمضي نحو الحلم الجميل ، وتحقيقه ..
الذكريات هي البيت الذي لا يضيق سقفه بك ، فسيح على مد نظرك ..
الذكريات هي تميمة معنوية ترقيك من كل مكدر ، ومن كل عاصف يبغي الإطاحة بواسط البيت المتين ..
هكذا أرى الذكريات ، وهكذا أتعامل معها ، ولذا فإني لا أذكرها لنفاستها عندي ، ولأن المُخبأ نادر حتى تطّلع عليه أعين الناس ،
هكذا فلسفتي نحو مشاعري ، وذكرياتي ، لا أفتح كوة عليها ليطالعها حتى المقربون إلا على مضضٍ .
من المفارقات أن نعيش مع الذكريات بينما أصحابها بين أظهرنا ، ومع ذلك فهم بُعداء عنا ، منقطعون عن مواصلتنا
إما لأنهم قد فارقوا المسار الذي كنا نحن وإياهم فيه ، أو لأنهم رأوا في غيرنا صحبة أجمل ، وأغنى ، فنفضوا عن كواهلهم غبار تلك السنين وما فيها ..
ما أرخصها عندهم ، وما أغباهم إذ يصرفون أعمارهم بالمجان دونما احتفاظٍ ولو بتذكارٍ صغير !
كثيرون هم من ينخرطون في أعمال ومهام ، وعندما تنتهي فلا شيء يبقى في أيديهم من تلك المرحلة ،
وقليلون هم من يحرصون على اقتناء أي شيء ، ولو قطعة قماش ، أو رائحة عطر ، أو حتى علبة تذكرهم بعبق الذكرى الجميل .