" امسك بنجم ساقط ،، واحفظه بجيبك ،،
لا تدعه يضمحل ،،
احفظه ليوم ماطر ،،
لربما يأتي الغائب وينقر على كتفك في ليلة بلا نجوم ،،
إن أردت امساكه فجيبك ملئ بالضوء " ،،
كالتعب الذي تلقيه من فوق سلالم الطائرة وتعود لتجده على مقعد يجاورك ،،
تتملى صورته في المرآة القديمة ،، صورة بالية ،، تكالب عليها الزمن والحسرات ،،
تطالعك الصورة بوجه قالب من العظام البارزة والجلد المدبوغ ،،
جبهة ضيقة غائرة وعينان ذابلتان ورموش قليلة باقية ،،
أسنان تناثرت هنا وهناك ،، ماذا بقي من الحياة بعد العيش ،،
ما هذه الحال التي تسل كل إرداة وكل قدرة ولا تترك إلا العدم ،،
-ننبذ صفاتنا الفطرية عندما لا تتواجد الأخطار ،،
-كيف تحمي نفسك مثلا ؟! ،،
-أنت تخلطين هذا بوعي داخلي ،، فماذا ان تصرفت على سجيتي ،،
-يمكن للمرء أن الاعتياد على أي شئ ،،
انشرح صدري وتحفز للهو رغم الموعد المضروب ،،
أحيانا أصدق ولا أصدق أحيانا ،،
في فترة الجفاف تنبثق لي وردة مشتعلة الأوراق ،، وأتوقع مفاجأة لا تريد أن تقع ،،
أمس والآن وربما غدا ،، جاذبني الوعي المتثائب ،، وطاف حنيني بأجواء غريبة حبيبة ،،
هدية جادت بها الخطوات على غير انتظار ،، قلبت الموازين وشحنت الدقائق والساعات بالوعود المسكرة ،،
تقرأ الأركان لكي لا تتجاوز إيماءة ما ،،
وتهز جذع الحرف على مهل عجول متصفحا تأثيرات البواعث في الجفون المسدلة ،،
واضحة كصفحة السماء بعد الشمس ،، تبعثر الأسرار بما فيها من المحض وتمضي للحقيقة ،،
كل شئ مطلق ،، كل شئ وقع عليه النظر ينطق ،،
كالأجراس تبوح وهي ترن في قرية تغوص في السكون ،،
أشياء تحرك الجمر ،، الجمر كله ،،
صراخ مكشوف من أقدام لا تعرف المشي بمحاذاة الأسوار ،،
لتعلم كيف تهرم بوقار وتتألم بصمت ،،
قالت بعذوبة : " ما هو اقتراحك ؟! ،،
أن نبني مدينتنا !! ،،
سوف نفعل ،،
إنني أقبل ،،
قد تكون دعوة جماعية للانتحار ،،
موتا رمانسيا ،،
حسنا ،، انني أقبل ،،
ما دمت أنا اختيارك وإرادتك ،،
نعم ،، إنني أحب " ،،
ترى ماذا يقع في قلبها من امور يشق على عقلي هضمها ؟! ،،
تبلبل فكري ،، رغم ذلك داخلني احساس دافئ بالارتياح ،،
وعلى كل حال فالغرقى في ذمة المتفرجين ،،
أما التأمل فلا نهاية له ،،
في ضحكتها طعم الأمواج ولمعة الشمس ،،
ذاكرة للأماكن وحنجرة للبراكين ،،
بلا قناع تحرك الأشياء ،،
كل شئ يومض في الكف ،،
الحياة مرسومة بألوان الفوسفور على لوحة الزمن تطرد الظلال من مكامنها ،،
جمال أصيل يحرض نفسه على جمال أكثر ،، يتسامى ،،
يتحدث للماضي بحنجرة رشيقة حتى تحسبها على مرمى من وهم ،،
كتب وأصوات وطيور وهمس رياح ونداء مطر ،،
تمضي كالسابح على الرمل يغطس ثم يرتفع يجر خلفه ما يبرر ابتسام النجم ،،
الحياة طازجة ،، في بعض فصولها تسيل بالمياه داخل الوجدان ،،
وفي بعضها الآخر تثبت النار في الهواء وتجمد الفقرات في الأصابع ،،
حتى تأتي النهاية كأسوار الحقول التي تحنيها السنين ،،