تعلمت من أبي أن كل قدرة إنسانية وهبني الخالق إياها يقابلها ذات المقدار من النجاح، وما الفشل إلا نتيجة طرح بعض مدخلات تلك القدرة من معادلة النجاح..ومن هنا فإن أبي كثيرا ما يحكي لي قصة دراستي في مراحلها الأولى ، حينما كان يحبب إليّ حافز المستقبل على حافز الحاضر العجِل ، وربط ذهن الطفل بقيمة مستقبيلة تستدعي مهارة فوق مهارة الإقناع العادية ؛ لأنها نقلة من عالم محسوس مشاهد معاش إلى آخر لا وجود له إلا عن طريق تقوية حاسة الإدراك المتعمقة المدفونة في ذات الطفل هنا.
كان أبي يقدم لي تلك الوجبة المستقبيلة لأجد طعمها في فمي كأن عهدي بها للتوَ..فأحببتها لأن أبي أراني منه كم هي غالية عنده، فحرصت على التفوق كمخرج لتلك القدرة، بل كنت أسأل أبي عن قدرة إضافية أحياناً طمعاً في مخرجات أقوى وأكبر.
وما زال أبي معي بكليته الآن وأنا في مرحلة الدراسات العليا ، وكأنه يستحلي قرص أذني من جديد، وأنا أفخر أن أذني احمرتْ من أصبعه الغالية..
حرص أبي كثيرا على تفوقي ، فقال لي ما يعد دستور حياتي العلمية..وقال لي ، فأهداني وهداني....طيب الله أنفاسك يا أبي.