لطالما آمنت أن القومية العربية مجرد شعار فارغ لا يملك غير صياح مجموعة من الناس تهيم في الشوارع بمفعول هستريا العاطفة , فلو كانت غير ذلك لكانت لها وقفة واضحة كمفهوم يملك زمام أموره بدلائله أمام التيارات الفكرية الحديثة / العارضة التي هزمته وظل ينظر لها بلا حول أو قوة .
والحاصل أيضا أن الدول التي اعتنقت هذا الفكر لازالت تعاني من تورطها به سواء بالشئون الداخلية أم الخارجية وتدفع ضريبة ايمانها بوهم اسمه فكر " لا يحمل أية فكر من أصله " وإنما هو مجرد حمامة بيضاء تُطلق للسماء ولا تُعرف جهاتها المجهولة !
لذلك التفت بعض الدول العربية لخواء هذا الفكر القومي لتلتفت إلى تأصيل مفهوم الوطنية في نفوس شعوبها منها " المملكة السعودية " التي أصبحت تغذي نفوس أبنائها بالانتماء الوطني أولا , فعقدت العزم على ذلك حتى صارت " الوطنية " منهجا يُدّرس في صفوف تعليمها , وقد كنت أترّقب وقتها هذا الغذاء بأسئلة :
هل ستنجح الوطنية ؟
هل سيكون لها منهجية واضحة الخطط والأهداف أم سيكون مثل القومية العربية مجرد شعار وحناجر ؟
هل سيكون لهذا المفهوم فكرا واضح البراهين والدلائل بحيث لا يفشل أمام أي فكر آخر دخيل عليه ؟
في الحقيقة كنت أراقب الوضع بقراءة تأملية بدءا منه كمنهج تعليمي يُدّرس إلى حاله كفكر يُعتنق ويُجابه به التيارات الأخرى .. فلم أجد منه إلاّ الحال الذي كانت عليه القومية العربية !
فالوطنية التي بالمدارس ماهي إلا أناشيد وكلام معسول حفظه الصغار وسرق به الكبار البلد , والوطنية التي تُجابه الأفكار والتيارات خرجت بفئات ضالة وعقول مرتبكة بأفكار مهزوزة .