كل ليلة أغادر العالم الحسيّ , لأرفرف في عوالم أخرى مختلفة عما ألفته,
أتنقل بين هذه العوالم على بساط ريح يحلق بي في سماء صافية ويكون لي كسترة
نجاة من الغرق , فيتدفق الفرح بداخلي كالنهر المتفجر من أعالي جبال الروح , ليبني
بيني وبين اليأس حجاب مسدولا , تقهقه روحي احتفاء بعوالم خالية من الجور ,
لتسامق الثريا في علوها . إن بحثنا الدائم عن العدالة هو مطلب إنساني يرتقي بنا عن
مواطن اعتدنا أن نراها كمسلمات أو قواعد لا يجب كسرها , اشغلتنا رغباتنا الممتطية
نية الكمال عن الآخر , وعن قيم نهّاضة لسلامة بشريتنا من الجور والظلم
لن أكفكف عبرات قلمي , بل سأطلقها لتسيل وتجرف كل مافي طريقها من ألم ووجع
إنساني , كان الفيلسوف "رينان" يقول ( لكل مسألة وجهــان ),إلا الظلم في نظري
فليس له إلا وجه واحد أسود كئيب , وجه مرعب كـ ظلمات اللجج , وكأرواح
الشياطين , هناك مشاعر تعتري المرء عندما يحس بالظلم وكأنه يسقط في
حفرة تهوي به إلى المجهول إلى الظلام وصورة داخل رأسه تسير بسرعة الضوء
تطرح تساؤلات دامية القلوب ,ذلك الظلم الذي ينام على شكل حية , يطوّق كل من
يمر به ليعصره ويقدمه وليمة للألم والشقاء المتواري بين شقوق البشر, ذلك القميء
كـ المسخ "فرنكشتاين" , صنعنا الظلم لنتوافق مع الأنا المزروعة بداخلنا كشجرة
امتدت عروقها ضاربة في عمق الأرض, ونؤكد مقولة الحكيم الهندي (كل ما تشتاقه
الأرواح, تبلغه الأرواح ) , فالروح البشرية متعددة الوجوه والرغبات والمتطلبات ,
والظلم كما العدالة تشتاقها بعض الأرواح المسكونة بطفولة تعيش في عالم الكبار, إن
يد الظلم تلطمنا لنصحو من غيبوبة حطت رحالها على قيمنا ومبادئنا , وعششت في
نفوسنا , لندك عروش الجور ليقوم على أنقاضها نفوس فتية غير مضعضعة الشأن ,
نفوس تبتسم بصدق للحياة , وتؤمن بالكارما التي تقول ( بأن الأفعال تتبع صاحبها
وتصنعه).