عباد الوهم
*
يزعمون الانتساب للأدب .. وهو الأبعد عن أطراف أيديهم وإن وقفوا على أطراف أقدامهم ..
يزعمون تذوق الأدب .. وهو الأنأى بهوائه عن نتن أفكارهم ..
لا يزالون يعتلون مراقيب أوهامهم , متسلحين بذخيرة من خيال قذر بقدر اتساعه ,
خيالهم الذي ينسج لقراءاتهم قصصاً أوهن من خيوط العنكبوت , ففي شرائعهم المنحلة :
كل رجلٍ يخاطب أنثى .. هو موثق بها بحبال الخطيئة ..
وكل أنثى تساجل رجلاً .. تحمل قلباً موشوماً بعشقه ..
كل شعورٍ يسطره قلم , طائرٌ معلقٌ في عنق صاحبه ,
لا احتمال لكونه متلبساً بروحٍ مكتظة بالبوح
عاجزة عن كتابته , فأوعزت إليه هذه المهمة ..
لا احتمال لكون سطوره خيال يعشق الثرثرة , أو حلم طغى على واقع ..
بلغ من تقديسهم للكلمة أن بحثوا عن ماهية الحبر الذي نزفها , وليتهم وقفوا بباب البحث وإنما سمحوا لعقولهم المهترئة بأن تدخل البيوت من ظهورها وعندما وجدوها فارغة , سولت لهم أنفسهم أن يصنعوا من الفراغ امتلاءً .. ولكنه امتلاء أشبه بالفراغ .. إذ لا حقيقة لما يصفون , وإنما سراب مهَّد لتشييده وهم اقتنعوا بحقيقته ..
إذا كان بعض مدعي الأدب ينظرون للشاعر بأنه زير نساء لوصفٍ أدرجه ضمن قصيدة وآخر مخالف له ساقه في أخرى , فهو في نظر عباد الوهم متقلب بين كفي أنثى كلما قلبوا بين كفوفهم له قصيدة ..
إذا كانوا يقيمون عند قراءة نصٍ عاطفي علاقات فاحشة بين معرف أنثوي وآخر ذكري بسبب حرف ثَمِلَ فانسكب , إذا أرادوا أن يلصقوا البذاءة واحتمال كل لفظٍ مالا يُحتَمَل , إذا كانوا يفعلون كل ذلك وأعظم ..
.. فلا عجب أن يؤمن من سواهم بهبوط مستوى الأدب وأخلاق رواده ..
*
يحتاجون إلى قليل من وعي .. وكثير من مخافة الله ..
ولكن كما يبدو.. لا يملكون أياً منهما ..
لذا ..لا حيلة ,
إلا أن ندعهم في غيهم وضلالتهم يعمهون ..