الصراع في الأدب لا يقوم إلا على فكر ، والأدب الذي لا يعتمد على صراع لا يمكن أن يكون أدباً ذا قيمة ، وبقدر ما كان الخلاف في الأدب يظهر التميز .
الشعر ليس هو تفسير للعالم ، وفهم للظواهر الطبيعية في الكون ، بل هو اكتشاف لهذا العالم وفهم لأبعاده ، لهذا نشب الخلاف بين المهتمين في الأدب حول هذه الإشكالية ، فالذين يرون أن الفن للحياة ، هدفهم أن الأدب لابد أن يساهم بدفع بعض القيم الأخلاقية ، والعمل على شيوع بعض الأفكار والحرص على انتشارها ، والذين يرون أن الفن للفن ، ما هم إلا جماليون ، هدفهم تحقيق اللذة المرجوة من الأدب .
هذا الكلام يجعلنا نتأمل الثنائية الحاصلة في النظرة إلى الأدب ، والشعر كجزء هام من هذا الأدب ، لذا أعتقد أن من الضروري دمج هذين الرأيين برأي واحد ، لكن دون إفراط أو تفريط ، أي لا يكون ضد الحياة ويصدر لنا الشعارات المنادية بوأد الفضيلة أو الدعوة للإلحاد والتفسخ الفكري والأخلاقي بأسم العمل على خدمة الحياة ، وكذلك لا يكون الأدب محفزًا على شيوع بعض الأفكار المخالفة للتقاليد والعرف ، وفي المقابل أيضاً لهذا الفهم , يجب أن لا يكون الأدب ممتعاً ضائعاً ضبابياً تحت مسمى الفن للفن والانتصار للجمال دون الالتفات لأي شيء سواه .
قد يبدو في هذا الكلام شيء من اللامنطقية أو الشعور بالعيشة ، لكن يجب أن نصارح أنفسنا بهذا الرأي ، وتكون لدينا الشجاعة الأدبية والمسؤولية الإنسانية على التصريح بهذا الرأي والعمل على تنظيمه فيما بعد ما أمكننا ذلك ، وبعبارة أشد وضوحاً , لابد أن يعتمد الشعر على تفجير الطاقات التعبيرية في نفسية الأديب ، دون النظر أو التعصب لأي توجه من هذين التوجهين " الفن للحياة " أو " الفن للفن " وذلك من أجل العمل على خدمة الإنتاج الذي هو في صدد الكتابة عنه ، بصرف النظر عن أي سياق خارجي لا يخدم جوهر النص .