أسئلة لم تعد على الموضة
لـ: حنين عمر
كثيرة هي الأسئلة التي تثير الجدل وتحرق الأعصاب، ولكن نادرة هي الأسئلة التي تثير الضحك : كهذا السؤال الذي سقط عليّ من حيث لا أدري قبل قليل : لماذا عندما تكتب المرأة بحرية تتهم بالبحث عن الشهرة؟
حمدا لله أن طارح السؤال لم يلحظني وأنا اقاوم رغبتي في الضحك.
وقد تبدو تلك الابتسامة الخبيثة التي ترتسم على شفاهي الآن وأنا أتأمله بسخرية غريبة بعض الشيء ولكن تفسيرها أبسط من البساطة.
اذ أن كل كلمة في هذه الجملة التي تنتهي بعلامة استفهام كبيرة تذكرني بحادثة طريفة: الكتابة ، المرأة، الحرية، الأتهام والشهرة !
فأما الكتابة فهي في حد ذاتها لعبة ممتعة نمارسها مع الآخرين وجريمة جميلة نمارسها مع أنفسنا ، ولا أعرف لم يجب أن ننظرها ونفسرها ونقدم تقريرات عنها إلى هيئة الأمم المتحدة، فإن كان الكاتب رجلا فرضوا عليه الحصار الفكري وإن كان امرأة أرسلوا إليها بعض المارينز من النقاد ليتخلصوا منها مطلقين عبارات غريبة مثل " الأدب النسوي" و " التابو" ومهللين كالمجاذيب أمام أسئلة ٍ لم تعد على الموضة !
لا يوجد شيء اسمه أدب نسوي ولا يعجبني التفريق العنصري الغبي لأن الإبداع لا جنس له، ولا يوجد شيء اسمه التابو بل هو مجرد صنم من الفخار صنعه بعض العاطلين عن العمل ليشغلوا أنفسهم بتحطيمه مدعين أنهم " فعلوا شيئا" ولأن الكتب السماوية وتاريخ الأدب العربي و آثار الحضارات القديمة تشهد على طرح أكثر الموضوعات حميمية بكل بساطة وموضوعية وهدوء.
أما الحرية التي تتحدث الكثيرات عنها هاته الأيام، فقد أصبحت مثل علب السردين معلبة وجاهزة للإستعمال في أي لحظة، وكلما سألت احداهن عن " المسخرة" التي تكتبها أو تفعلها أو تدعيها ، فتحت في وجهك العلبة دون أن تعرف الفرق بين الحرية والإنحلال وبين الجرأة والوقاحة وبين أفلام الرومنسية وأفلام البورنو. ولأني أكره رائحة السمك المعلب فإنني أحاول أن أبتعد عن " سانديكا" الصيادين !
بالنسبة لي الحرية لم تكن يوما هدفا إنها وسيلة أستعملها للوصول إلى هدف آخر هو نفس الهدف الذي أكتب من أجله، ولا أتذكر أنني سلمتُ يوما رقبتي لمسرور أو رضيت بشهريار زوجا، بل دائما ما اعتبرت شهرزاد غبية لأنها صبرت ألف ليلة وليلة ولو كنت مكانها كنت قتلتهُ في أول ليلة و وفرتُ على نفسي عناء تحمله.
ولستُ احترمُ من تكتبُ بجسدها فلا فرق بينها وبين المطربات الخليعات اللواتي بالتأكيد هن أكثر شهرة منها، بل إنه لمن البديهي أن تكون المطربات أكثر شهرة من الأديبات بالتأكيد : فأية شهرة تلك التي فيها يختلفون ؟
أما السؤال المناسب الذي يجب طرحه برأيي – وهو مثير للبكاء وليس للضحك - هو :" ما هي الحرية الأدبية ؟ "
هذا هو السؤال الأول الذي يجب الأجابة عليه قبل الوصول إلى تحليل مفاهيم الكتابة والمرأة والخوض في غمار رأي بعض رجال الشرطة النقدية الذين يلاحقون الأفكار على الورق ويطلقون أحكاما فلسفية بعضها يقتل غيره وبعضها يقتل نفسه وبعضها عيار في الهواء.
لأن تساؤلات التفرقة العنصرية لا محل لها من الإعراب في ظل العولمة والحداثة وكل المفاهيم "النيو لوك" في عالم الأدب ، وهي لا تعلو عن كونها مجرد زوبعة في فنجان النقد البدوي الذي أصبح هاته الإيام مصابا بالهستيريا، ويحتاج إلى طبيب نفساني محلف. / تمنياتي له بالشفاء.
حنين
2008 الجزائر - مارس