][ قراءة صامتة ][

[فاطمة العرجان]

هل يمكن أن تكون القراءة جريمة
؟

ربما .. في مجتمعٍ يعتبر قراءتك لكتاب ما .. محاولة للتلبس بشخصية الكاتب أو تمثيل أحداث كتابه أو التأثر بما يُكتَب..
ربما تكون كذلك .. حين يفرض عليك المجتمع نوعية كتب معينة تقرأها ويحرم عليك قراءة سواها ..
أو قد تُعطَى الحرية لقراءة ما تريد ولكن احترس من قراءة ما يراه المجتمع عيباً .. كرواية في الحب مثلاً .. أو رواية أجنبية يتوقع أن يكون بين محتواها قُبلَة أو عِناق أو ما هو أكثر من ذلك ..
في مجتمعاتنا..لابأس أن ترى ذلك خلسة أو تمارسه في الخفاء,لكن أن تقرأ كتاباً في العلن يحوي ذلك فأنت مذنب بتهمة الجهر بالمعصية ..
::
احذر أن تقرأ لكاتب أو شاعر .. طبع العرف اسمه في قائمته السوداء .. فمثلاً لا حصراً .. شاعر المرأة نزار قباني .. من ضمن المذنبين بتهمة المفردة الجريئة .. شعراً أو نثراً .. لذا .. فاحذر أن تقرأه فيسيطر على أفكارك وقلمك وفكرك فتبيح لنفسك الحديث بلا قيود ..فلدينا لكل شيء حدود .. وإن أوشكت على تجاوزها ..توقف وابدأ من الصفر وادفن هذه على تلك وفقط ترقب ساعة الانفجار .
::
أيضاً .. حاذر قراءة كتاب يسيء إلى مجتمعك .. أو يصوره بغير صورته الملائكية التي يتحتم على العالم أن يراه بها .. فالمجتمعات الشرقية مقدسة .. معصومة من الخطأ .. مثالية .. مجتمعات تكونت من نور .. أفرادها حمائم سلام ..
مجتمعاتنا جنة الله في أرضه .. مجتمعاتنا ثابتة كـ قيمها تماماً .. وإن أرادت التغيير .. فهي من "قمة" إلى "قمة" ..
::
احذر قراءة الكتب التاريخية التي تجلي الحقائق أمامك .. وتجعلك أكثر فهماً وإدراكاً .. لأنك بعد قراءتها لن ترضى بكل ما يراه الآخرون حقيقياً .. بل ستعتبره مشتبه به إلى أن تثبت حقيقته .. ولن يردعك عن كشفها إلا أن يُسَلَّ سيفٌ يضعك أمام خيارين إما الصمت أو الصمت المؤبد ..
::
جريمة أن تقرأ كتب المذاهب والديانات .. فقد تكون بدايتك في طريق الإلحاد والانحراف الديني والأخلاقي ..
؛
لا غرابة في هكذا تفكير .. فنحن مجبولون على سوء الظن .. رغم أن نظريات علم النفس تثبت بأن الإنسان خيّر بطبعه!!
ولكن حتى علم النفس في مجتمعي هرطقة وكلام نظري بلامعنى .. بل هو في العرف طريقٌ مؤدي إلى الجنون ..

.

مجتمعاتنا تؤمن جيداً بأن السكوت من ذهب ..
وتؤمن بأن الله خلق لنا أذنين ولسان واحد ..
لنستمع أكثر مما نتحدث ..
وخلق لنا أيضاً عينين ولسان واحد ..
لنرى (نقرأ) كثيراً وبالعكس نتحدث ..
ولهم أقول : وخلق الله عشرة أصابع
لتحكي إذا عجز اللسان .