من الكبدة إلى البحرين !!

[عبدالله الراشد]

 أكاد اظن ان البرد وليالي الشتاء وصور الطيف الجميلة من أجمل المعاني في هذا الكون . في الشتاء الكل يجري خلف الدفء, نتوق للحنان في لياليه فيه حلو السمر, في الصبا والصغر كنا في مدينة الجبيل ننتظر العطل التي نودع فيها الرطوبة, نخرج من « جبله» الى الاحساء فوجا رهيبا , كنا في عدة حافلات يكون أحدها مخصصا للأطفال والخدم وآخر للعجائزو آخر للشباب. نلتف بخيامنا حول عين نجم نشم عبق الاحساء وتاريخها نلهو في تلك العين ببساطتنا في أجواء سجلت في ذكرياتنا قصصا مع تلك الأرض العبقة بالأدب والشعر والصور الخيالية الاصيلة.
 في عين نجم كانت براءة طفولة عدد وافر من أهالي الجبيل, أتسال هنا فقط لما لا يكون هناك توجه لتنشيط الرحلات السياحية بين المحافظات عبر تفويج سياح الداخل، فبذلك يتحقق الاطلاع على الآثار والمعالم السياحية وهذا يثري الثقافة العامة خاصة لدى شريحة الأسر, سياحة الرحلات الداخلية أمر مفقود وان كان لها وجود « رغم شكي بذلك» فهو وجود لا يرى بالعين المجردة . ان في هذه الأرض معالم سياحية جذابة لا تضاهيها أي معالم , قبل عدة أشهر كنت مع مجموعة من الأصدقاء في رحلة الى ضرماء, هي حلة من عبق الصحراء تزدان بالجبال الشامخة وبيوت الطين المهجورة المتروكة للعمالة وكل من هب ودب!!
 لدينا من المعالم السياحية الكثير والكثير ولكن لاتزال يد الاهتمام والعناية بعيدة عنها رغم صلة هذه الآثار بذكريات الأجداد والآباء, قلاع وحصون وقصور وبيوت نحتت على الجبال, وشواهد ربانية كلها فضل من الله عز وجل وبيان على أن هذه الأرض المباركة معلم من نور, لا شك في ان القائمين على السياحية الداخلية يقومون بواجبهم لكن ينبغي زيادة الحرص والعناية بالآثار في كل المناطق بعين التوازي، فذلك يسهم في جذب السياح من شتى الأقاصي ويساعد على دفع عجلة الأنشطة الاقتصادية المتصلة بالسياحة.
 قبل فترة كنت مع صديقي ماجد نتجول في شوارع الدمام و» نخابط» , فجأة اقترح اقتراحا عظيما . في المعتاد نحن السعوديين عندما نريد تغيير أجوائنا نذهب للمطاعم «يعني سياحة مطاعم» . العم ماجد اقترح ان نتوجه الى مطعم شعبي لكي نلتهم صحنين من الكبدة وطبق معصوب وخبزا «ملوح» , لم استطع المقاومة ولم يكن لي خيار , توجهنا الى هناك استقبلنا عامل غريب الاطوار لم يبتسم ولم يسجل طلباتنا بعد ربع ساعة اصبحنا من فرط الجوع نهذي ونهيم بافكارنا يمينا وشمالا , بعد تناول الفطور لم نستطع التخلص من الملل فشوارع الدمام لا تكفي للتخلص من « الطفش» , عاد ماجد الى اقتراحاته الغريبة فقال « لم لا نذهب لمتابعة فيلم سينمائي في البحرين ؟ قبلت اقتراحه الوجيه وعلى الفور وجدنا انفسنا هناك نستمتع ونشعر بالتغيير وأقبلنا على الملل بسرعة رهيبة .
 لنكن على بصيرة :
يعيب الله تعالى على من أشركوا به عز وجل مع إقرارهم بأن الغيث لا ينزله إلا الله تعالى، وأن الأرض لا ينبتها إلا هو سبحانه وتعالى ، ويبين تناقضهم، وتهافت حجتهم، وضعف عقولهم {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الحَمْدُ لله بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}وفي النمل {أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَئِلَهٌ مَعَ الله بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ}. وتكرر هذا المعنى في الزخرف.





>>>>>>>>>>>>
نشرت في جريدة اليوم
الجمعه الموافق 21/12/1429