بينما كنتُ أسرد على البائع في المكتبة عناوين الكتب التي أريدها , و بعد مضايقات الناس التي لا تنضب و دامت أكثر من نصف ساعة , اتى شخص ملتحي مع صديقه و رمق إلى الورقة التي أملكها و وجدها تحمل أكثر من خمسين كتاب , شزرني بنظرة كره و مغت و قال : بـ صوت عالٍ متبختر [ يلا عاد بيبلشنا هذا و كتبه ] !!
و في الحقيقة .. تفأجات حتى صُعقت لوقاحته الظاهرة , و في داخلي توددت لو أصفعه كي أعلمه الأدب , و لكنني بإحترام سمحت له أن يأخذ ما يريد .
ولو كان الشخص -أين أنا- ذو لسان سليط مثله لتغيرَ عنوان المكتبة إلى نادي صراع الألسن السليطة .
و مثل هؤلاء الأشخاص فقد قيمة الإحساس بمشاعر الآخرين حينما يستخدم هذا اللسان , و دائماً يتذكرون بأنهم يملكون وقت و زمن و لكن ينسون أن الآخريين ربمآ هم أحوج إلى الثوان .
و بنظري فهم لا يستحقون وقفة من أجل الإحترام و التقدير , بسبب إن مصيبتهم لا يمكن المساس بها مالم يسعف هو نفسه فـ القضية تربوية و أخلاقية , لا مجرد نصيحه أو جملة أو كلمتين ..
روي عن الرسول [ص] إنه قال [ و هل يكبّ الناس يوم القيامة في النار إلّا حصائد ألسنتهم ] , و حينما سئل أحد أعمدة روسيا الكاتب الكبير ليو تولستوي عن الشيء الذي يخافه فـقال لساني .
و من الأحداث التي جرت مؤخراً تعطي حصاد اللسان السليط ما جرى للممثلة الأمريكية " شارون ستون " حينما صرحت بعد زلزال الصين الذي وقع ضحاياه أكثر من مليوني شخص و جريح و بكل وقاحة [ هذا القدر الذي يستحقونه فـ الصينيون ليسوا طيبين ، وما حدث لهم كان عقابا بسبب سوء معاملتهم لأهل التبت ] .
و بعد هذا التصريح الوقح أجتاح الصين غضبٌ عارم , حتى صدر قرار يمنع أفلامها و و وصلت المبيعات الخاصة بها إلى الصفر , و على الرغم إن ستون أستيقظت بعد غفلتها على ما صنعه لسانها و أعتذرت لهم إلا إن الصينيون لم يقبلوا ذلك و وصفوا ذلك بعدم الإحساس و قلة الحياء .
و عن نفسي أستطيع أن أتحمل شخص أبكم , لا أن أتحدث مع شخص لا يعرف كيف يهذب لسانه .
بيدّ إن المثل القديم الحكيم [ قل خيراً أو أصمت ] أصبح مجرد جملة دون معنى .