الأوطان رحلت يا صديقي , لم يعد هناكَ متّسعٌ من الأمل , عقارب الحُزن تُشير إلى تمامِ الفقد , وحدها أقدام حبّك تسير في الإتجّاهِ المُعاكسِ للأوردة !
ضحكتكُ , أوراقكَ , و قلمكَ الأسود الذي يُشبهني , يُسبغان عليَّ الهدوء , فأشعرُ أنّ ذاك المقترب منّي , لن يأخذَ روحي العالقَةَ بكَ إلا لتتقمّص زهرة الاوركيد التّي تحبّ .
أغلق عينيك , ودع أهدابَك تلامسُ الشّجن النّازف على وجهي , ودع نبضَ يديك يلفّ أشباح خاصرتي .
أتذكرُ الياسمينة المتعربشة على كتف بيتنا ؟
كانت تجمعُ دموعَ انتظاري لك تحتُها , وتُخبئّها ياسميناتٍ , لتتساقط فوقك .
أتذكر العصفور الذي أهديتني إياه يومَ ميلادي , وأطلقته أنا في اليوم التّالي ؟
كنتُ أعلم أنّك ستحزن , ولكن خوفي على حريّته كان يفوق رغبتي في احتضانه .
البكاءُ اللّيلة سينقض كل عهود الحزن التي مضاها - مُكرهاً - على أوراقِ غضبك, لن ينتحب الأرق الليلة يا حبيبي , فصوتُ موسيقى الفرح يتعالى .
دعنا نرقص , واملأ روحي بأبجديّتك , هذه اللّيلة ستكونُ الأجمل , الأكثر وجعَاً .. والأدقّ رحيلاً .
أترى كيف بدأَت السّماء تُمطر , أتسمعُ صوتَ عناق السُّحب , وصوتَ خطواتِ المطر على الذّراتِ المُتراقصة في حديقتنا , أليسَ ذلك مُدهشَاً ؟
الدّهشة .. ؟
الدّهشة .. كانت دوماً صديقةُ حُزني معك ,رفيقة دربَ عشقي لّك , والشّاهدَ الأخير على أملي بك .
عندما سأغلق عينيّ , لا تنسَ أن تقرأ لي قصائدكَ , وأن تجدلَ شعري بأوراقك , وأن تدع عينيك تتلو السّكينة على قلبي , بينما يكلّل صوتُكَ عُنقي بالرّحمة .
هكذا فقط .. سيصبح موتي مُدهشاً .