.
.
يوم الخميس ,, موعد الزيارة ,, لخل ٍ قد مضى عن ديار الدنيا ,, !! رحل منذ سنوات ليست بالقليلة ,, حتى أن أحباؤه نسوه ! بينما لا أزال أحيا على ذكراه ,, وأبقى عند مساء كل خميس أمام قبره ,, عرفاناً ,, على صداقة مضت سريعاً ,, !!
الجو كان حاراً جداً ,, رغم أنه لم يتبقَ سوى ساعتين على زوال النهار ,, واشعر بأن خيوط الشمس لا تزال تحرقني ,, ! مقيت هو هذا الجو البائس ,, ويزداد أكثر حين يكون المكان مقبرة !
المكان يبدو هادئاً ,, ورغم حرارة الجو وجفافه ,, إلا أنني ألحظ ذرات غبار تتطاير من بين القبور ,, وكم يرعبني هذا المنظر ,, أنا وحيدة هنا ,, بين عظام هذه الموتى ,, الذي لا يسمع صراخاتهم أحد ,, !!
عند خل ٍ راحل ٍ جلست وأتأمل تلك القبور المحيطة بي ,, تنتابني لحظات خوف ٍ من القادم ,, ولحظة ندم على الماضي الراحل دون عودة ,, !
صاحب ذلك القبر أعرفه جيداً ,, كان جارنا ,, كم رحل سريعاً .. ! أياترى هو هنيئا في نومه هذا ؟ أم أنه يشكو العذاب الذي لا مفر له .. !
ذلك القبر المجاور له هو الآخر اعرفه ,, إنه لفتاة لم تبلغ السادسة عشر ,, ! توفيت بحادث أليم ,, كم كانت جميلة هذه الفتاة .. ! هي الاخرى مضت نحو هذا العالم !
أعرف الكثير هنا ,, الكثير منهم مضو لهذا العالم ,, الكثير منهم أجهل مصيرهم !
هم اللاحقون وأنا سأسبقهم بزمن لا أدري ما مدته ,, !
..
..
جاء الان دور قبر هذا الخل الذي مضى ,, الذي لم يعد يذكره سواي ,, !! ثمان سنون فقط ,, ونساه اخلاؤه ,, وقد محت ذكراه من فكرهم , , وطيفه الذي لاحقهم بالامس لم يعد له وجوداً اليوم ,,
غريب هو هذا العالم الذي نمضي له فينسانا من حولنا كانوا ,, وغريب هو أمر هذه الدنيا ,, كم عمرها قصير ,, ! ونحيا بين زواياها نحسب الخلود فيها !
..
ياليت القلب يدرك هذه الحقيقة ,, وياليت النفس تستوعب إن هذا ليس الا مصير ستقدم له يوماً ما ,, علَ الفؤاد بما جهل يستذكر ,, والنفس بما طغت تتوب ..
دقائق ,,, ورن هاتفي .. المتصلة تخبرني عن موعد زفافها الاسبوع القادم .. !! أبعد الذي أدرك حقيقته عند كل مساء وفي هذا الوقت تكون للنفس رغبة في الفرح ؟؟
ناس تسعد ,, وناس تموت دون أن يستجيب لغوثها أحد ,, !!
..
يوم ٌ في المقبرة ,, قضيته بين أموات ,, منهم من كانوا معي يوماً ومنهم من اجهلهم ,, ولكن بالنهاية يبقى شعور رهيب يتخلل النفس بمناظرة القبور !
أدعوكم للعيش ولو للحظات كهذا اليوم !
تحياتي الندية