من المواقف التي أزعجتني وتألمت منها -أسأل الله أن يجيرنا منها ويعافينا - في مرة كنت عند الحلاق وكان قبلي رجل طاعن في السن أعتقد أنه تجاوز الثمانين ونيف فما أن انتهى من الحلاقة حتى نزل بالمساعدة ليجلس ، وبعد ذلك اتصل به أحدهم وكان قد فتح المكبر (السبيكر) بأنه قريب منه وطلب منه الخروج فكان يرد بأنه لم يره ولا السيارة ، ثم بعد دقائق تعدت الخمس سمعنا صوت بوق السيارة(البوري) واتصل به ثانية وطلب منه الخروج وبالمساعدة خرج إليه . ولا أدري كيف لذلك الشاب سواء أكان ابنه أو حفيده ألا تتخلله الرحمة بهذا الرجل الكبير التعب وكان من البرّ أن يجلس معه ليساعده في صعود كرسي الحلاق والنزول منه ، ثم مساندته لركوب السيارة بعد أن يجعلها شديدة القرب بالمحل ، والأكثر برًّا أن يزيد أجرة الحلاق ليأتي للبيت ويرتاح (الأب أو الجد)الذي بالكاد يخطو ، ولكن ذلك الابن كانت حتى طريقة المحادثة جلفة نزقة تفتقر لأقل القليل من التأدب والاحترام والتقدير الذي يتحدث به لأي شخص فكيف بكبير في السن يكون ولده أو جده. العقوق دين لابد وأن ينال صاحبه العقوبة سواء أكان ذلك العقوق ذكر الأب أو الأم بالسوء ، أو شتمهما ، أو رفع الصوت عليهما ، أو التعامل معهما بتأفف ، أو أنهما ثقيلان عليه ! بينما كان وهو طفل يتحملان استفراغه بل حتى مايخرج من دبره وقبله من قاذورات ، ولكن البعض يعتقد أنه ولد وكبر والتحق بالمدارس وتعالج لوحده وأنه لم يتعب والديه ، وحتى لو كان قريبًا من ذلك فيكفي أن أمه والدته ، وأن أباه رعاه حتى خطا ومشي فكيف ببقية حياته التي كان والده متكأه وهو أبى أن يكون متكأ لوالده في كبره بل استكثر عليه قليل مافعله معه الابن ، وكيف كانت أمه الحامي له والمشجع والحضن بينما هو عندما كبر كان الشاتم والمعاير والمقدم غيرها عليها والمنتقص من فضلها والزاجر لها.
وكما قيل في الأمثال القديمة : كله سلف ودين حتى دمعة العين . ومادام عمرك أيها الشقي العاق لم ينته فالله العدل لم ينته من انتقامه منك بعد .
.