بسم الله الرحمن الرحيم
فراشة في طريق الدموع
البداية والوان الورود :
ابصرت النور في إحدى القرى الجميلة الرابضة وسط نجد ترتيبي الثالثة بين سبعة اخوة واخوات , ولأني جئت بعد ولدين افاض لي والدي من حبه الكثير واصبحت حينها الأثيرة لديه .
كنا في البداية نسكن منزلا شعبيا متواضعا , بقينا فيه حتى ناهزت السادسة من عمري , كنت كأي طفلة في سني . احب الخروج إلى الشارع لألعب مع اقراني رغم ممانعة امي كوني بنت . فكنا نقضي وقتنا باللعب والدوران بالبيت الذي يتوسطه حوش كبير غير مسقوف كعادة البيوت الشعبيه وبسبب كثرة حركتنا وشقاوتنا لم يخلو الأمر من بعض الحوادث العارضة كوقوعنا احيانا واصابتنا ببعض الجروح او الكدمات إحداها تركت اثرا في ساقي إلى اليوم وكان اخي الأكبر اشقانا بكثرة الحركة وامي لاتفتأ عن زجره . رغم عناده الدائم
كان لتدليله اثرا سلبيا عليه , اخذ الأولاد نصيب حب الأم بينما نحن البنات من نصيب والدي .
كان احد اعمامي , غير شقيق يسكن بالقرب من منزلنا ول ازلت اذكر في تلك المرحلة جارتنا الطيبه التي كنا نشتري منها الآيسكريم التوت الذي تعده بنفسها.
كنت فتاة هادئة اميل الى العزلة في اكثر وقتي واذكر في تلك المرحلة العمرية انه كان لنا ابنة جيران تكبرني في السن وكنت ارتاح لحديثها وكانت تقول انها معلمّة في المدرسة وصدمت حين اكتشفت كذبتها .
بلغت السن النظامية واخذتني والدتي الى المدرسة بعد ان رتب والدي الأوراق المطلوبة , اذكر انه كان من بينها صورتي الشمسية اعتقد والدي انها من ضمن المستندات المطلوبة ولازلت اذكر ابتسامة المديرة وقولها لوالدتي ليه مصورين البنت؟ الصور مطلوبة للأولاد فقط
بعد زمن لا اذكره انتقلنا من منزلنا الذي ولدت فيه مع اخوتي الى بناية يمتلكها ابي عبارة عن ثلاث طوابق سكنيه كنا خمس بنات وولدين .
قرر ابي العوةه الى عمارته مرة اخرى بعد ان اوفى دينا كان يلزمه في السابق بالسكن في ذاك البيت الشعبي , ولا ادري سبب ذاك الدين ,, وقد عرفت ذلك فيما بعد وهو امر اشقاني واخوتي وامي كثيرا .
كنا نشغل الطابق الاول من البناية في شقتين متقابلتين خصصت لنا والدتي فيها نحن البنات غرفة كبيرة , والأخرى يسكنها عمي الذي كان يرعانا في غياب والدي ويحنو علينا فأحببناه وحين توفي رحمه الله حزنا على فراقه كثيرا , كان والدي يصحبنا الى المدرسة صباح كل يوم في سيارته الصغيرة ولم تكن مدرستنا نحن البنات بعيدة , كانت خلف البناية , لكن والدي يحرص على ان يطمئن علينا , وكثيرا ما كان يوصي اخوتي الأولاد علينا .
بقينا في هذه البناية الى ان وصلت الى الصف الثالث الإبتدائي وكانت والدتي تحرص على ان ارتب شوؤني الخاصة بنفسي وان اساعدها في المطبخ وحين اتقاعس او اتأخر تنبهني وتستحثني وكانت تقول انك غدا سوف تكبرين وتكوني مسؤولة عن بيت مثلي .
افادني هذا في الأعتماد على نفسي وترتيب حاجياتي ونظافتي الشخصية
الا ان هذا لم يمنع رسوبي في مادتين وانا في الصف الثالث واعيد السنة مرة اخرى بسبب فعلة ساذجه فقد قمت كما املا علي تفكيري ان اعبث بحواجبي بعد ان رايت امي وهي تقوم برسم حواجبها وتعديلها فأحببت ان اقلدها وكانت النتيجة اني شوهت نفسي مما سبب غضب امي علي ومداراتها لحاجبي بغطاء جعل منظري مضحكا ومشوها وكان له تأثيره علي . فشتت فكري وتبرّمي من فعلتي فقد تصورت اني سأظل هكذا طوال عمري وكانت النتيجة هي الرسوب .
مرة اخرى قرر ابي الإنتقال الى سكن آخر ولسبب لا أدريه من وراء هذه التنقلات السكن الجديد عبارة عن فيللا من دورين وكان سكنا مريحا واسعا ووجدنا لأنفسنا مساحة بين السور والمبنى لممارسة هواية اللعب , كما احضر لنا والدي خادمة كانت تؤنسني حين تزور والدتي اهلها القاطنين في قرية تبعد عن قريتنا اكثر من مائة كم , كنت الوحيدة بين اخواتي التي لا يسمح لي فيها والدي بمرافقة والدتي في تلك الزيارات , ربما لأني كنت الأكبر بين اخواتي ,كنت حينها في العاشرة .
ومع ذلك كان والدي يعطف علي ويلقبني بـ( شيخة البنات ) وعند نجاحي يشتري لي الهدايا وحين انتقلت الى الصف الرابع اهداني اشرطة فيديو لبعض القصص الكرتونية التي احب مشاهدتها, اذكر اني كنت اتابعها بشغف وحين طلبت مني امي في احد الأيام ان اجلب لها خبزا من الفرن القريب من البيت قمت مسرعة لأعاود المشاهدة واكمال مابدأت فقد كان اخوتي عند اعمامي في مزرعتهم .
وانا في طريق العودة احتك بي احد الشباب فأسرعت الخطى راكضة الى المنزل وهو يلحق بي وتملكني الخوف وانا اضرب الباب بكل قوتي واعاود طرق الباب الثاني دون ان يستجيب لي احد فقد كان الجميع بالداخل
والفتى يقترب مني فهربت الى اخر الشارع والخبز بيدي و لم يرنا احد لاننا وقت الظهيرة ثم عدت مرة اخرى وواصلت الطرق دون فائدة فتسلقت الباب لأسقط في الحوش واخذت في البكاء نتيجة الم السقطة وحضرت الخادمة وامي على صوت صراخي , حكيت لهم ماحصل فإذا امي تقول هذا ولد الجيران وعقله خفيف مختل عقلياً وهو جرى خلفك لانك خفتي منه وركضتي ! حادثة من حوادث عديدة حصلت في ذاك الزمن وتحصل كل يوم لمن هو في مثل عمري , مع اختلاف التفاصيل ..
من الأحداث التي تضحكني كلما تذكرتها , نتيجة شقاوة من هنّ في مثل اعمارنا انني واخواتي قررنا الهرب الى بيت جدتي البعيد بسبب ضرب امنا وتأديبها لنا نتيجة شقاوتنا مع بعضنا وقررنا الخروج من فتحة التكييف لأن والدتي حرصا منها علينا كانت تغلق الباب علينا لكن لحسن الحظ ان امي اكتشفت خطتنا الساذجه ونحن نهمّ بالخروج من باب الشارع
وبكل براءة نرد عليها نريد ان نسافر الى جدتي لانك لا تحبيننا فضحكت وقالت تمشين 130كم على اقدامكن قلنا بكل ثقه : أيه !
وحسمت امي هذه المهزلة الصبيانية وادخلتنا و اسفنا لفشل خطتنا.
ابتدأت الدراسة وانا في الصف الرابع وكنت فرحانة ومشتاقة لهذا الصف لما يحمله من مواد جديدة علي كنت اريد ان اعرف ماهي القواعد وما هي الجغرافيا والتاريخ وجميعها مواد كنت اسمع عنها.
إنتطمت في الدراسة وكنت فتاة مهذبة وخجولة اجلس في نهاية الفصل لاني كنت اطول بنات الصف . احببت مادتي التاريخ والجغرافيا ربما لاني احببت معلمة هذه المواد فكنت اهتم بدفاتري جداً حتى انني رفضت الذهاب مع ابي واخواتي إلى المنتزه للعب هناك لكي يتسنى لي تجليد دفاتري .
في ليلة غامضة وكانت ليلة جمعة و قد انهيت خمسة ايام من الإختبارات النهائية ولم يتبق الا اختبار مواد التاريخ والإملاء و الجغرافيا وانتهي وانتقل الى الخامس مع صديقاتي .
في تلك الليلة سمعت بكاء امي بالغرفة وهي تطلب من ابي البقاء ودفعني الفضول للإقتراب من غرفة امي القريبة من غرفتنا نحن البنات بالدور الاول من الفيلا لمعرفة مايجري , لكني رجعت الى غرفتي خائفة مسرعة وكتاب التاريخ في يدي بينما يتجه والدي الى باب الشارع وامي تجري خلفه لتثنيه عن قرار السفر , ثم دخلت امي علينا الغرفة لتطلب منا بحزم ويأس ان نجمع حاجياتنا كي نسافر الى مدينة الرياض !
فصعقت لقرارها كيف نسافر هكذا فجأة ونحن في موسم امتحانات ولم يبق الا يومين على نهايتها؟ ويوم السبت علي اختبار تاريخ وبعده جغرافيا ولا اريد ان ارسب في المادة التي احببت معلمتها .
لكن والدتي انشغلت عن بكائي وصراخي بتجهيز لوازم السفر الضرورية كما ايقظت الخادمة لتساعدها .. وتم هذا في لحظات سريعة مهوله لم اشعر بها فقد كان كل همي ضياع بقية الإمتحانات , ثم خرجنا جميعاً منتصف الليل متجهين الى الرياض وانزلنا والدي بفندق لا اذكر اسمه اليوم .ثم غادرنا تاركا والدتي في وضع صعب وخوف من المجهول مساء اليوم التالي الجمعة كنت ابكي بحرقة واقول لأمي ان غدا اختبار ولا بد من العودة الى قريتنا لم استوعب مايحدث لنا او افهم حالة والدتي النفسية وتعبها كان كل همي ان لا يفوتني موعد الإختبارات بكيت حتى غلبني النعاس ونمت .
نهـــايـة الفصل الأول من الروايــه ( ارجو التفاعل وإبداء الرأي ) تحياتــي