قبل الموت يصيرون أحرارا ،،،!!
.
**وهو في آخر عمره ،،جلس وقال: ،،قد كنتُ عائدا من المعَسكَر في لبنان ،،وفي طريقي إلى بيتي ،،رأيتُ اثنين من اؤلئك المسلّحين يستريحان تحت تلك الشجرة ،،هُم عرَبٌ أيضا ،،ولكنّها الفتَنة التي تجعلك تقتل من كان صاحبك بالأمس ،،الفتنة تكبر حين تطيع ولا تعرف سبب طاعتك …!
.
،،فاجأتهما وصوّبتُ ببرودتي نحوهما وقبل أن اٌطلق النار قال أحدهما : أسألك سؤالا واحدا : لماذا تقتلنا ،،! ،،أنت لا تعرفني وأنا لا أعرفك ،،! نحن عرب أخوة ،،وليس بيننا الخلاف بل بين أناس يتصارعون وأنت وأنا لا ندري علام يختلفون ،،،هل نقتلُ بعضنا من أجل شخص مهما كان عاليا ،،،!،بل لا يقتل الناس بعضهم إلاّ لسبب واحد وهو أن تمنع الحقّ أو تحجبه أو تمنع الخير أو تحجبه ....!
.
،،،قلتُ له : فانت لمن تحمل السلاح وعلى من ترفعه ! قال: نحن جنود ،،نُجبَر على حمل السلاح ولكن يجب أن نفكّر قبل أن نطلق الرصاص ،،فلا نطلقه إلاّ في قضايانا العادلة ،،!...وبعد أن أكمَل جملته الأخيرة وأدّى رسالة التعليم كالأنبياء ،،قتلتُه مع صاحبه ،،!
.
،،حفرتُ حفرة وألقيْتُ بهما فيها وواريتهما بالتراب ،،،ومشيت،،!
.
،، وبعد عامين خطر ببالي أن أراهما ،،فالتراب الذي فوقهما قليل ،،فلمّا انكشفا لي وإذا بالذي كان يحدّثني عن الأخوّة والحقّ ،كماهو كأنّي وضعته بالأمس ،،لم تأكله الأرض ،،! وأمّا صاحبه فقد صار عظماً ،،!
.
،،قلتُ له : ما نحن إلاّ ما نعرف ومانعلَم ُوما نؤمنُ به ،،،،،،،،فأنت ترى أين ذهب كلاهما ،،هذا أكلّته الأرض وهذا أكرمته الأرض ،،بأمر من خالقها ،،،ترانا في الشوارع مزدحمين بأجسامنا المتشابهة ،،ولكنّنا بقلوب لا تشبه بعضها وبعقول كالخزائن مليئة بأشياء كثيرة ،،،فانظر ما في قلبك وعقلك ،،،تعرف من أنت !
.
،،قال: وأنا اليوم وبعد ثلاثين عاما فهمتُ ما قال ذلك الشاب النضر ،،،! فهمتُ بعد أن مات رئيسي الذي كان يأمرني وخرجت من ذلك المعسكر ،،وصرت حُرا
.
قلتُ له : فقد استرجعتَ عقلك يوم صرت حُرا ،، الأحرار يفكّرون وحدهم ولذلك ،،تراهم لا يُخطئون ،،فالحُرّ كيف يُخطىء وهو يريد الحقيقة ،،فلا أحد يفضّل الباطل على الحقيقة ،،بل يقبلون الباطل مضطرين ،،ولحظة قبولنا الباطل نصير عبيدا ،، يأمرنا غيرنا ولا نأمر أنفسنا بشيء ،، الحُرُّ هو من لا يستطيع أن يجبره أحدٌ على الباطل ،،،!
،، للحُرّ فضاء مديد ،،وأمّا الطريق فللعبيد
.
قال: وما سيفعل الله بي ……….!!
.
قلتُ : لو كنت تسأل نفسك هذا السؤال في كلّ ساعة من حياتك ،،،،لعشت حُرّا ،،! نحن بالله نصير أحرارا ،،لأنّك ستخاف الله أكثر من أيّ أحد ،،فتتحرّر من الناس ،،!1 وستطيع الله فقط والله لا يأمرك بشرّ ،،،،!
.
،،لقد تأخّرتْ حريّتك ولكنّك تعيش الآن لحظة حريّتك المضيئة ،،وتشعر بطعمها الجميل وأنت قرب خالقك لا تطيع أحدا غيره ،،،فتعلو على كلّ هذا العالَم ،،كما يعلو الضوء أفق السماء
.
.
.
.
.
عبدالحليم الطيطي