السلام عليكم
يخبرنا السيد: حسين سرمك
قلت كثيرا أن المبدع الجبار هو من يمسك بإحكام بالإجابة الشافية على سؤالين حاسمين :
الأول: هو الرؤية ( بالتاء المربوطة )
أما الثاني: فهو الرؤيا ( بالألف الممدودة ) .
الرؤية تتعلق بسؤال مركزي هو : كيف أكتب ؟ أي ( التقنية )
أما الرؤيا فتتعلق بالسؤال المركزي الآخر وهو : لماذا أكتب ؟
أي ( الفلسفة أو الموقف الوجودي من الابداع أو ببساطة الجدوى من كتابة الشعر ).
ووسط الأزبال التي كتمت أنفاس الحبيب يقف ( مظفر النواب ) فوق أطروحات الرؤية والرؤيا على حد سواء ،
يجمعهما في تعبير بسيط ومركب وشديد الأذى :
أگولن گاعي وأعرفها
أگولن گاعي ،
يتنفس بريتي ترابها …….
وحبها … وبصلها ….والشمس … والطين..
باعوني عليها
وخضّرت عيني بدمعها
وماني بايعها
وسنلاحظ ظاهرة أخرى تتمثل في أن النواب صانع ماهر بوعي متقد ، إنه يصنع القصيدة
بمعنى أنها تستنزفه وتتطلب منه تركيزا هائلا وانتباهة شديدة لكل كلمة .. بل لكل حرف
وهذا يذكرنا بما قاله شاعر ألمانيا العظيم ” هاينه ” :
“ يتحدثون عن الإلهام وأنا أعمل كالحداد ” .
هناك أسرار في الصنعة النوابية إذا فككت رموزها ستتأكد أن مظفر ينطبق عليه قول :“ إليوت ” :
( الكتابة هي تحويل الدم إلى حبر ) .
إذ يقول:
قبل النواب لم يكن هناك حساب لحرف ولم يكن هناك فهم للدلالات الموسيقية والنفسية للحرف وليس للكلمة حسب ،
النواب لم يعد الاعتبار للمفردة فقط بل للحرف أيضا .